الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{مَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ مِنكُمۡۚ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (7)

وقوله تعالى : { مَّا أَفَاءَ الله على رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القرى } الآية : أهل القرى في هذه الآية : هم أهل الصفراء والينبوع ووادي القرى وما هنالك من قرى العرب ، وذلك أَنَّها فُتِحَتْ في ذلك الوقت من غير إيجاف ، وأعطى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم جميعَ ذلك للمهاجرين ، ولم يحبس منها لنفسه شيئاً ، ولم يعط الأنصار شيئاً لغناهم ، والقُرْبَى في الآية : قرابته صلى الله عليه وسلم مُنِعُوا الصدقةَ فَعُوِّضُوا من الفيء .

وقوله سبحانه : { كَي لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغنياء مِنكُمْ } : مخاطبة للأنصار ؛ لأَنَّهُ لم يكن في المهاجرين في ذلك الوقت غَنِيٌّ ، والمعنى : كي لا يتداول ذلك المالَ الأغنياءُ بتصرفاتهم ، ويبقى المساكينُ بلا شيءٍ ، وقد مضى القولُ في الغنائم في سورة الأنفال ، ورُوِيَ أَنَّ قوماً من الأنصار تَكَلَّمُوا في هذه القرى المُفْتَتحَةِ ، وقالوا : لنا منها سَهْمُنَا ، فنزل قوله تعالى : { وَمَا آتاكم الرسول فَخُذُوهُ } الآية : فَرَضُوا بذلك ، ثم اطَّرَدَ بعدُ معنى الآية في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ونواهيه ، حَتَّى قال قوم : إنَّ الخمر مُحَرَّمَةٌ في كتاب اللَّه بهذه الآية ، وانتزع منها ابن مسعود لعنة الواشمة ، الحديث .

( ت ) : وبهذا المعنى يحصل التعميم للأشياء في قوله تعالى : { مَّا فَرَّطْنَا في الكتاب مِن شَيءٍ } .