غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءٗ وَتَصۡدِيَةٗۚ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (35)

31

ثم ذكر بعض أسباب سلب الولاية عنهم فقال { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } المكاء «فعال » كالثغاء والرغاء من مكا يمكو إذا صفر . والتصدية التصفيق «تفعلة » من الصدى وهو الصوت الذي يرجع من الجبل فيكون في الأصل معتل اللام ، أو من صدّ يصدّ مضاعفاً أي صاح فقلبت الدال الأخيرة ياء كالتقضي في التقضض ، وأنكر هذا الاشتقاق بعضهم وصوّبه الأزهري وأبو عبيدة . قال جعفر بن ربيعة : سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن المكاء والتصدية فجمع كفيه ثم نفخ فيهما صفيراً . وقيل : هو أن يجعل بعض أصابع اليمين وبعض أصابع الشمال في الفم ثم يصفر به . وقيل : تصويب يشبه صوت المكَّاء بالتشديد وهو طائر معروف . عن ابن عمر : كانوا يطوفون بالبيت عراة وهم مشبكون بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون . فالمكاء والتصدية على هذا نوع عبادة لهم فلهذا وضعا موضع الصلاة بناء على معتقدهم . وفيه أن من كان المكاء والتصدية صلاته فلا صلاة له كقول العرب : ما لفلان عيب إلا السخاء أي من كان السخاء عيبه فلا عيب له . وقال مجاهد ومقاتل : كانوا يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف والصلاة عند المسجد الحرام يستهزؤن به ويخلطون عليه فجعل المكاء والتصدية صلاة لهم كقولك : زرت الأمير فجعل جفائي صلتي أي أقام الجفاء مقام الصلة . ثم خاطبهم على سبيل المجازاة بقوله { فذوقوا العذاب } عذاب القتل والأسر يوم بدر أو عذاب الآخرة { بما كنتم تكفرون } بسبب كفركم وأفعالكم التي لا يقدم عليها إلا الكفرة .