مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكُم مَّقَامِي وَتَذۡكِيرِي بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوٓاْ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَيۡكُمۡ غُمَّةٗ ثُمَّ ٱقۡضُوٓاْ إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ} (71)

{ واتل عَلَيْهِمْ } واقرأ عليهم { نَبَأَ نُوحٍ } خبره مع قومه والوقف عليه لازم إذ لو وصل لصار «إذ » ظرفا لقوله { واتل } بل التقدير واذكر { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ياقوم إن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ } عظم وثقل كقوله { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخاشعين { } [ البقرة : 45 ] { مَّقَامِى } مكاني يعني نفسه كقوله { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ جَنَّتَانِ } [ الرحمن : 46 ] أي خاف ربه ، أو قيامي ومكثي بين أظهركم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، أو مقامي { وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ الله } هم كانوا إذا وعظوا الجماعة قاموا على أرجلهم يعظونهم ليكون مكانهم بينًا وكلامهم مسموعاً { فَعَلَى الله تَوَكَّلْتُ } أي فوضت أمري إليه { فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ } من أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه { وَشُرَكَاءكُمْ } الواو بمعنى «مع » أي فأجمعوا أمركم مع شركائكم { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي غماً عليكم وهما والغم والغمة كالكرب والكربة ، أو ملتبساً في خفية . والغمة السترة من غمه إذا ستره ومنه الحديث " لاغمة في فرائض الله " أي لا تستر ولكن يجاهر بها ، والمعنى ولا يكن قصدكم إلى إهلاكي مستوراً عليكم ولكن مكشوفاً مشهوراً تجاهرونني به { ثُمَّ اقضوا إِلَيَّ } ذلك الأمر الذي تريدون بي أي أدوا إلى ما هو حق عندكم من هلاكي كما يقضي الرجل غريمه ، أو اصنعوا ما أمكنكم { وَلاَ تُنظِرُونَ } ولا تمهلوني