محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{۞وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ نُوحٍ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيۡكُم مَّقَامِي وَتَذۡكِيرِي بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلۡتُ فَأَجۡمِعُوٓاْ أَمۡرَكُمۡ وَشُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُنۡ أَمۡرُكُمۡ عَلَيۡكُمۡ غُمَّةٗ ثُمَّ ٱقۡضُوٓاْ إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ} (71)

وقوله تعالى :

[ 71 ] { * واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون 71 } .

{ واتل عليهم نبأ نوح } أي خبره الذي له شأن وخطر ، مع قومه المغترين بعزة الأموال والأعوان ، ليتدبروا ما فيه من صحة توكله على الله ، ونظره إلى قومه ، بعين عدم المبالاة بهم ، وبمكايدهم ، وزوال ما تمتعوا به من النعيم ، بإغراقهم بالطوفان ، فلعلهم يكفّون عن كفرهم ، وتلين أفئدتهم ، ويستيقنون صحة نبوتك { إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر } أي شق وثقل { عليكم مقامي } أي مكاني ، يعني نفسه ، أو مكثي بين أظهركم مددا / طوالا ، ألف سنة إلا خمسين عاما أو قيامي بالدعوة إلى الله ، من رؤيتكم ذلتي بقلة الأموال والأعوان ، ومنع عزتكم بهما عن الانقياد لي { وتذكيري بآيات الله } أي بحججه وبراهينه ، أو تخويفي بعذابه { فعلى الله توكلت } أي اعتمدت في دفع ما قصدتموني به { فأجمعوا أمركم } أي شأنكم في إهلاكي { وشركاءكم } يعني آلهتهم وهو تهكم بهم ، أو نظراءهم في الشرك . و ( الواو ) بمعنى مع أو معطوف على { أمركم } بحذف المضاف ، أي : وأمر شركائكم . أو منصوب بمحذوف ، أي ادعوا شركاءكم ، وذلك لأن ( أجمع ) يتعلق بالمعاني . يقال : ( أجمع الأمر إذا نواه وعزم عليه ) { ثم لا يكن أمركم عليكم غمة } أي مستورا . من ( غمه ، إذا ستره ) بل مكشوفا تجاهرونني به { ثم اقضوا إلي } أي أدوا إلي ذلك الأمر الذي تريدون بي { ولا تنظرون } أي ولا تمهلوني .