{ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } .
قال أكثر المفسرين : سورة النحل مكية كلها إلاّ ثلاث آيات ، { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ } إلى آخرها ، فإنها نزلت بالمدينة في شهداء أحد ، وذلك " أن المسلمين لما رأوا ما فعل المشركون بقتلهم يوم أحد في تبقير البطون وقطع المذاكير والمثلة السيئة ، حتّى لم يبق أحد من قتلى المسلمين إلا وقد مُثّل به غير حنظلة الراهب فإن أباه أبو عامر الراهب كان مع أبي سفيان ، فتركوا حنظلة لذلك ، فقال المسلمون حين رأوا ذلك : لئن أظهرنا الله عليهم لتزيدنّ على صنيعهم ، ولنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد قط ، ولنفعلنَّ ولنفعلنَّ . ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمّه حمزة بن عبد المطلب وقد جدعوا أنفه وأذنه وقطعوا مذاكيره وبقروا بطنه ، وأخذت هند بن عتبة قطعة من كبده فمصصته ثمّ استرطتها لتأكلها ، فلم تلبث في بطنها حتّى رمت بها ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " أما إنها لو أكلته لم تدخل النار أبداً ، حمزة أكرم على الله من أن يدخل شيئاً من جسده النار " . فلما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمه حمزة نظر إلى شيء لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه منه فقال صلى الله عليه وسلم " رحمة الله عليك ، فإنك ما علمتك ما كنت إلا فعالاً للخيرات وصولا للرحم ، ولولا حزن من بعدك عليك لسرّني أن أُدعك حتّى تحشر من أفواه شتى ، أم والله لئن أظفرني الله عليهم لأُمثلن بسبعين منهم مكانك " .
فأنزل الله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } الآية ، فقال صلى الله عليه وسلم : " بل نصبر " ، فأمسك عمّا أراد وكفّر يمينه " .
وقال ابن عبّاس والضحاك : وكان هذا قبل نزول براءة حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من قاتله ولا يبدأ بالقتال ، فلمّا أعز الله الاسلام وأهله ونزلت براءة وأُمروا بالجهاد ، نسخت هذه الآية .
وقال قوم : بل هذه الآية محكمة ، وإنما نزلت فيمن ظلم بظلامة ، فلا يحل له أن ينال من ظالم أكثر مما نال الظالم منه أمر بالجزاء أو العفو ونهى عن الاعتداء . وهذا قول النخعي والثوري ومجاهد وابن سيرين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.