بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَئِن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَيۡرٞ لِّلصَّـٰبِرِينَ} (126)

قوله : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } ، قال ابن عباس : وذلك حين قتل المشركون حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، ومثلوا به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لَئِنْ أمْكَنَنَا اللَّهُ لَنُمَثِّلَنَّ بِالأحْيَاءِ فَضْلاً عَنِ الأمْوَاتِ » . فنزل : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } الآية . وقال محمد بن كعب القرظي : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة بالحال التي هو بها حين مثل به ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

« لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لأمَثِّلَنَّ بِثَلاثِينَ مِنْهُمْ » . فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما به من الوجع . قالوا : لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب أحد . فنزل : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ } { وَلَئِن صَبَرْتُمْ } فلم تعاقبوا ، ولم تمثلوا ، { لَهُوَ خَيْرٌ للصابرين } من المثلة ، أي : ثواب الصبر خير من المكافأة . ثم صارت الآية عامة في وجوب القصاص ، أنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل ، والعفو أفضل .