الآية : 126 وقوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } ، اختلف في سبب نزول ذلك .
قال بعضهم : ( نزل ) {[10613]} في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وذلك أن نفرا منهم قد ( مثل بهم ) {[10614]} يوم أحد مَثُلَة سيئة ، من قطع الآذان وتجديع الأنوف وبقر البطون ونحوه ، فقال ( رسول الله ) {[10615]} ( لئن أدالنا الله منهم لنفعلن كذا وكذا ) ( بنحوه زاد المسير 4 /370 ) فأرادوا أن يجازوا ذلك ، فأنزل الله { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } الآية .
وفيه البشارة لهم بالنصر والظفر على أعدائهم ؛ لأنه لو لم يكن لهم الظفر بهم كيف يقدرون على معاقبة مثل ما عوقبوا ؟ دل أنه على البشارة لهم بالنصر والظفر بهم .
وفيه دلالة جواز أخذ من لم يتول القتل والأخذ والضرب لما لعلهم لا يظفرون بأولئك الذين تولوا ذلك ، لكن يؤخذ {[10616]} إخوانهم بهم لما بمعونة بعضهم بعضا فعلوا ( ذلك ){[10617]} ، ويكون فيه دليل أخذ قطاع الطريق بالقتل والقطع ، وإن كان الذي تولى ذلك بعضا منهم لما أن من تولى ذلك إنما تولى بمعونة من لم يتول ، والله أعلم .
وقال بعضهم : إنما نزلت الآية في ابتداء الأمر الذي كان القتل مع الكفرة قتل مجازاة مثل قوله : { وقاتلوا المشركين كافة } ( التوبة : 36 ) ، وكقوله : { فإن قاتلوكم فاقتلوهم } ( البقرة : 191 ) ومثله .
فإذا كان على المجازاة أمر ألا يتجاوز عقوبتهم ، ولكن بمثله . وأما إذا كان القتال معهم لا قتال مجازاة ، فإنهم يقتلون جميعا إذا أبوا الإسلام بقوله تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله } الآية ( التوبة : 29 ) ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ) ( البخاري : 25 ) ، وقوله تعالى : { تقاتلونهم أو يسلمون } ( الفتح : 16 ) .
وقال بعضهم : لا ، ولكن الآية نزلت في أهل الإسلام وحكمه في القصاص والقطع في ما دون النفس والجراحات .
أمر ألا يتجاوزوا حدودهم {[10618]} كقوله : { وجزاء سيئةٍ سيئةٌ مثلها } ( الشورى : 40 ) ، وقوله : { كتب عليكم القصاص في القتلى } الآية ( البقرة : 178 ) .
وقوله تعالى : { ولئن صبرتم } على ما ذكر ، { لهو خير للصابرين } ، ودل قوله : { ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } ، على أن الآية في القصاص لا في الحرب ؛ لأنه في الحرب لا يقال : اصبر ، ولا يكون الصبر خيرا . دل أنه في غير المحاربة ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.