مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّتِي نَقَضَتۡ غَزۡلَهَا مِنۢ بَعۡدِ قُوَّةٍ أَنكَٰثٗا تَتَّخِذُونَ أَيۡمَٰنَكُمۡ دَخَلَۢا بَيۡنَكُمۡ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرۡبَىٰ مِنۡ أُمَّةٍۚ إِنَّمَا يَبۡلُوكُمُ ٱللَّهُ بِهِۦۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (92)

{ وَلاَ تَكُونُواْ } ، في نقض الأيمان ، { كالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ } ، كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته وأبرمته فجعلته : { أنكاثا } ، جمع نكث ، وهو ما ينكث فتله . قيل : هي ريطة ، وكانت حمقاء ، تغزل هي وجواريها من الغداة إلى الظهر ، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن . { تَتَّخِذُونَ أيمانكم } حال ك : { أنكاثا } ، { دَخَلاً } ، أحد مفعولي : { تتخذ } ، أي : ولا تنقضوا أيمانكم متخذيها دخلاً ، { بَيْنِكُمْ } ، أي : مفسدة وخيانة . { أَن تَكُونَ أُمَّةٌ } ، بسبب أن تكون أمة ، يعني : جماعة قريش . { هِي أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ } ، هي أزيد عدداً وأوفر مالاً من أمة من جماعة المؤمنين . { هي أربى } ، مبتدأ وخبر ، في موضع الرفع صفة ل : { أمة } ، و { أمة } فاعل { تكون } ، وهي تامة ، و { هي } ليست بفصل لوقوعها بين نكرتين ، { إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ الله بِهِ } ، الضمير للمصدر ، أي : إنما يختبركم بكونهم أربى ، لينظر أتتمسكون بحبل الوفاء بعهد الله وما وكدتم من أيمان البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم تغترون بكثرة قريش وثروتهم وقلة المؤمنين وفقرهم . { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ القيامة مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ، إِذا جازاكم على أعمالكم بالثواب والعقاب ، وفيه تحذير عن مخالفة ملة الإسلام