مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (142)

{ سَيَقُولُ السفهاء مِنَ الناس } الخفاف الأحلام فأصل السفه الخفة ، وهم اليهود لكراهتهم التوجه إلى الكعبة وأنهم لا يرون النسخ ، أو المنافقون لحرصهم على الطعن والاستهزاء ، أو المشركون لقولهم «رغب عن قبلة آبائه ثم رجع إليها والله ليرجعن إلى دينهم » . وفائدة الإخبار بقولهم قبل وقوعه توطين النفس إذ المفاجأة بالمكروه أشد ، وإعداد الجواب قبل الحاجة إليه أقطع للخصم فقبل الرمي يراش السهم . { مَا ولاهم } ما صرفهم { عَن قِبْلَتِهِمُ التى كَانُواْ عَلَيْهَا } يعنون بيت المقدس . والقبلة الجهة التي يستقبلها الإنسان في الصلاة لأن المصلي يقابلها { قُل لّلَّهِ المشرق والمغرب } أي بلاد المشرق والمغرب والأرض كلها له { يَهْدِى مَن يَشَآءُ } من أهلها { إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } طريق مستوٍ . أي يرشد من يشاء إلى قبلة الحق وهي الكعبة التي أمرنا بالتوجه إليها ، أو الأماكن كلها لله فيأمر بالتوجه إلى حيث شاء فتارة إلى الكعبة وطوراً إلى بيت المقدس لا اعتراض عليه لأنه المالك وحده .