مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ} (138)

{ صِبْغَةَ الله } دين الله وهو مصدر مؤكد منتصب عن قوله : «آمنا بالله » . وهي فعلة من صبغ كالجلسة من جلس وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ ، والمعنى تطهير الله لأن الإيمان يطهر النفوس . والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون هو تطهير لهم فإذا فعل الواحد منهم بولده ذلك قال الآن صار نصرانياً حقاً ، فأمر المسلمون بأن يقولوا لهم : آمنا بالله وصبغنا الله بالإيمان صبغته ولم نصبغ صبغتكم . وجيء بلفظ الصبغة للمشاكلة كقولك لمن يغرس الأشجار إغرس كما يغرس فلان تريد رجلاً يصطنع الكرم . { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله صِبْغَةً } تمييز أي لا صبغة أحسن من صبغته يريد الدين أو التطهير . { وَنَحْنُ لَهُ عابدون } عطف على «آمنا بالله » وهذا العطف يدل على أن قوله : «صبغة الله » داخل في مفعول «قولوا آمنا » أي قولوا هذا وهذا «ونحن له عابدون » ويردّ قول من زعم أن صبغة الله بدل من «ملة إبراهيم » أو نصب على الإغراء بمعنى عليكم صبغة الله لما فيه من فك النظم وإخراج الكلام عن التئامه . وانتصابها على أنها مصدر مؤكد هو الذي ذكره سيبويه والقول ما قالت حذام .