مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ} (213)

{ كَانَ الناس أُمَّةً واحدة } متفقين على دين الإسلام من آدم إلى نوح عليهما السلام ، أو هم نوح ومن كان معه في السفينة فاختلفوا { فَبَعَثَ الله النبيين } ويدل على حذفه قوله تعالى : { لِيَحْكُمَ بَيْنَ الناس فِيمَا اختلفوا فِيهِ } [ البقرة : 213 ] وقراءة عبد الله «كان الناس أمة واحدة فاختلفوا » وقوله تعالى : { وَمَا كَانَ الناس إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فاختلفوا } [ يونس : 19 ] أو كان الناس أمة واحدة كفاراً فبعث الله النبيين فاختلفوا عليهم والأول الأوجه { مُبَشّرِينَ } بالثواب للمؤمنين { وَمُنذِرِينَ } بالعقاب للكافرين وهما حالان { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب } أي مع كل واحد منهم كتابه { بالحق } بتبيان الحق { لِيَحْكُمَ } الله أو الكتاب أو النبي المنزل عليه { بَيْنَ الناس فِيمَا اختلفوا فِيهِ } في دين الإسلام الذي اختلفوا فيه بعد الاتفاق . { وَمَا اختلف فِيهِ } في الحق { إِلاَّ الذين أُوتُوهُ } أي الكتاب المنزل لإزالة الاختلاف أي ازدادوا في الاختلاف لما أنزل عليهم الكتاب { مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينات } على صدقه { بَغْياً بَيْنَهُمْ } مفعول له أي حسداً بينهم وظلماً لحرصهم على الدنيا وقلة إنصاف منهم { فَهَدَى الله الذين ءَامَنُواْ لِمَا اختلفوا فِيهِ } أي هدى الله الذين آمنوا للحق الذي اختلف فيه من اختلف فيه { مِنَ الحق } بيان لما اختلفوا فيه { بِإِذْنِهِ } بعلمه { والله يَهْدِى مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }