تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ} (213)

الأمة : الجماعة من الناس . والأمة : الملة والعقيدة ، والأمة : الزمن ( وادَّكَر بعد أمُة ) . والأمة : الإمام ، ( إن إبراهيم كان أمة ) ، والمقصود هنا الجماعة من الناس .

يبين الله في هذه الآية سبب الاختلاف بين الناس في العقائد والمذاهب والأخلاق ، بعد أن كانوا أُمة واحدة في مبدأ خلقهم ، يوم كانوا أُمة واحدة على الفطرة . فلما كثروا وانتشروا في الأرض وتطورت معايشهم ، اختلفوا وتعددت وجهات النظر فيما بينهم ، فبعث الله الأنبياء والرسل ، مبشرين ومنذرين ، لينبهوا أقوامهم إلى ما غفلوا عنه ، ويحذروهم من شر الأعمال . وأنزل معهم الكتب لبيان أحكامه وشرائعه . وإذا كان الكتاب المنزل من عند الله هو الحَكَم ، فإن التنازع ينقطع وينحسم كثير من الشر في هذا العالم .

ثم تبع بعض الناس أهوائهم ، فاخلتفوا بعدما بين لهم الرسل طريق الحق والصراط المستقيم . وذلك بفعل الحكام والرؤساء والعلماء ، لأنهم هم أهل النظر ، القائمون على الدين بعد الرسل ، وهم الذين أُتوا الكتاب ليقرِّروا ما فيه ، ويراقبوا سير العامة عليه .

وقوله تعالى : «بغياً بينهم » أي : حسداً وظلما .

ثم أرشد إلى أن الإيمان الصحيح يهدي الناس إلى الحق في قوله { فَهَدَى الله الذين آمَنُواْ . . . } ، فالمؤمنون يهتدون إلى ما اختلف الناس فيه من الحق . والله هو الذي يوفقهم إذا أخلصوا .