بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِۚ وَمَا ٱخۡتَلَفَ فِيهِ إِلَّا ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ بَغۡيَۢا بَيۡنَهُمۡۖ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَا ٱخۡتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلۡحَقِّ بِإِذۡنِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٍ} (213)

قوله : { كَانَ الناس أُمَّةً واحدة } . قال الزجاج : الأمة على وجوه منها القرن من الناس ، كما يقال : مضت أمم أي قرون ، والأمة : الرجل الذي لا نظير له . ومنه قوله تعالى : { إِنَّ إبراهيم كَانَ أُمَّةً قانتا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين } [ النحل : 120 ] والأمة : الدين وهو الذي قال ها هنا : { كَانَ الناس أُمَّةً واحدة } ، أي على دين واحد وعلى ملة واحدة . وقال بعضهم : كان الناس كلهم على دين الإسلام ، جميع من كان مع نوح في السفينة ثم تفرقوا . { فَبَعَثَ الله النبيين } . وقال بعضهم : كان الناس كلهم كفاراً في عهد نوح وعهد إبراهيم عليهما السلام فبعث الله للناس النبيين إبراهيم وإسماعيل ، ولوطاً وموسى ومن بعدهم { مُبَشّرِينَ } بالجنة لمن أطاع الله ، { وَمُنذِرِينَ } بالنار لمن عصى الله { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكتاب بالحق } ، يقول : بالعدل { لِيَحْكُمَ بَيْنَ الناس } ، أي يقضي بينهم { فِيمَا اختلفوا فِيهِ } من أمور الدين . { وَمَا اختلف فِيهِ } ، أي في الدين . { إِلاَّ الذين أُوتُوهُ } ، يعني أعطوا الكتاب . { مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البينات } ، أي البيان من الله . { بَغْياً بَيْنَهُمْ } ، يعني اختلفوا فيه حسداً بينهم . { فَهَدَى الله الذين آمَنُواْ لِمَا اختلفوا فِيهِ مِنَ الحق بِإِذْنِهِ } ، أي هداهم ووفقهم حتى أبصروا الحق من الباطل { بِإِذْنِهِ } بتوفيقه ويقال : برحمته . { والله يَهْدِي مَن يَشَاء إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ، يعني الإسلام . وقال بعضهم : فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه أي بعصمته { والله يَهْدِي } أي يوفق من يشاء إلى صراط مستقيم .