مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُواْ بَقَرَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوٗاۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (67)

{ وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ } أي واذكروا إذ قال موسى ، وهو معطوف على نعمتي في قوله { اذكروا نِعْمَتِيَ التى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } [ البقرة : 40 ] كأنه قال : اذكروا ذاك واذكروا إذ قال موسى . وكذلك هذا في الظروف التي مضت أي اذكروا نعمتي ، واذكروا وقت إنجائنا إياكم ، واذكروا وقت فرقنا ، واذكروا نعمتي ، واذكروا وقت استسقاء موسى ربه لقومه . والظروف التي تأتي إلى قوله { وَإِذَا ابتلى إبراهيم رَبُّهُ } [ البقرة : 124 ] . { إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن } أي بأن { تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } قال المفسرون : أول القصة مؤخر في التلاوة وهو قوله تعالى «وإذا قتلتم نفساً فادارأتم فيها » . وذلك أن رجلاً موسراً اسمه «عاميل » قتله بنو عمه ليرثوه وطرحوه على باب مدينة ثم جاؤوا يطالبون بديته فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ويضربوه ببعضها ليحيا فيخبرهم بقاتله . { قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا } أتجعلنا مكان هزء أو أهل هزء أو الهزء نفسه لفرط الاستهزاء . «هزأً » بسكون الزاي والهمزة : حمزة ، وبضمتين والواو : حفص . غيرهما بالتثقيل والهمزة . { قَالَ أَعُوذُ بالله } العياذ واللياذ من وادٍ واحد . { أَنْ أَكُونَ مِنَ الجاهلين } لأن الهزء في مثل هذا من باب الجهل والسفه ، وفيه تعريض بهم أي أنتم جاهلون حيث نسبتموني إلى الاستهزاء .