فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُواْ بَقَرَةٗۖ قَالُوٓاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوٗاۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ} (67)

قيل : إن قصة ذبح البقرة المذكورة هنا مقدّم في التلاوة ، ومؤخر في المعنى ، على قوله تعالى : { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا } [ البقرة : 72 ] ويجوز أن يكون قوله : { قتلتم } مقدّماً في النزول ، ويكون الأمر بالذبح مؤخراً ، ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها ، فكأن الله أمر بذبح البقرة حتى ذبحوها ، ثم وقع ما وقع من أمر القتل ، فأمروا أن يضربوه ببعضها هذا على فرض أن الواو تقتضي الترتيب ، وقد تقرر في علم العربية أنها لمجرد الجمع ، من دون ترتيب ، ولا معية ، وسيأتي في قصة القتل تمام الكلام ، والبقرة اسم للأنثى ، ويقال للذكر ثور ، وقيل إنها تطلق عليهما ، وأصله من البقر ، وهو : الشق ؛ لأنها تشق الأرض بالحرث ، قال الأزهري : البقر اسم جنس ، وجمعه باقر ، وقد قرأ عكرمة ، ويحيى بن يعمر : { إن الباقر تشابه عَلَيْنَا } وقوله : { هُزُواً } الهزو هنا : اللعب والسخرية . وقد تقدم تفسيره . وإنما يفعل ذلك أهل الجهل ؛ لأنه نوع من العبث الذي لا يفعله العقلاء ، ولهذا أجابهم موسى بالاستعاذة بالله سبحانه من الجهل .

/خ71