مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَإِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَى ٱبۡنَ مَرۡيَمَ ءَأَنتَ قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (116)

{ وَإِذْ قَالَ الله ياعيسى ابن مَرْيَمَ ءَأَنْتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله } الجمهور على أن هذا السؤال يكون في يوم القيامة دليله سياق الآية وسباقها . وقيل : خاطبه به حين رفعه إلى السماء دليله لفظ «إذ » { قَالَ سبحانك } من أن يكون لك شريك { مَا يَكُونُ لِي } ما ينبغي لي { أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } أن أقول قولاً لا يحق لي أن أقوله { إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } إن صح أني قلته فيما مضى فقد علمته ، والمعنى : أني لا أحتاج إلى الاعتذار لأنك تعلم أني لم أقله ولو قلته لعلمته لأنك { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي } ذاتي { وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } ذاتك . فنفس الشيء ذاته وهويته والمعنى : تعلم معلومي ولا أعلم معلومك { إِنَّكَ أَنتَ علام الغيوب } تقرير للجملتين معاً لأن ما انطوت عليه النفوس من جملة الغيوب ولأن ما يعلم علام الغيوب لا ينتهي إليه علم أحد .