قوله عز وجل : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ءَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ . . . } الآية
{ إِذْ } ها هنا بمعنى ( إذا ) كما قال أبو النجم{[846]} :
ثم جزاك الله عني إذ جزى *** جنات عدن في السموات العلا
يعني إذا جزى ، فأقام الماضي مقام المستقبل وهذا جائز في اللغة كما قال تعالى :
{ وَنَادَى أَصْحَاب الجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ } [ الأعراف : 44 ] .
واختلف أهل التأويل في معنى هذا السؤال{[847]} وليس باستفهام وإن خرج مخرج الاستفهام على قولين :
أحدهما : أنه تعالى سأله عن ذلك توبيخاً لمن ادعى ذلك عليه ، ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ في التكذيب وأشد في التوبيخ والتقريع .
والثاني : أنه قصد بهذا السؤال تعريفه أن قومه غُيِّرُوا بعده وادعوا عليه ما لم يقله .
فإن قيل : فالنصارى لم تتخذ مريم إلهاً ، فكيف قال تعالى فيهم ذلك ؟
قيل : لما كان من قولهم أنها لم تلد بشراً وإنما ولدت إِلَهاً لزمهم أن يقولوا إنها لأجل البعضية بمثابة من ولدته ، فصاروا حين لزمهم ذلك كالقائلين له .
أحدهما : أن الله تعالى قال ذلك لعيسى حين رفعه إليه في الدنيا ، قاله السدي وميسرة .
والثاني : أن الله تعالى يقول له ذلك يوم القيامة ، قاله ابن جريج وقتادة وهو أصح القولين .
{ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقِّ } أي أن أدعي لنفسي ما ليس من شأنها ، يعني أنني مربوب ولست برب ، وعابد ولست بمعبود .
وبدأ بالتسبيح قبل الجواب لأمرين :
أحدهما : تنزيهاً له عما أضيف إليه .
والثاني : خضوعاً لعزته وخوفاً من سطوته .
ثم قال : { إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ } فرد ذلك إلى علمه تعالى ، وقد كان الله عالماً به أنه لم يقله ، ولكن قاله تقريعاً لمن اتخذ عيسى إلهاً .
{ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ } فيه وجهان .
أحدهما : تعلم ما أخفيه ولا أعلم ما تخفيه .
والثاني : تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم .
وفي النفس قولان : أحدهما : أنها عبارة عن الجملة كلها .
والثاني : أنها عبارة عن بعضه ، كقولهم قتل فلان نفسه .
{ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ } يحتمل وجهين :
أحدهما : عالم السر والعلانية .
والثاني : عالم ما كان وما يكون .
وفي الفرق بين العالم والعلام وجهان :
أحدهما : أن العلام الذي تقدم علمه ، والعالم الذي حدث علمه .
والثاني : أن العلام الذي يعلم ما كان وما يكون ، والعالم الذي يعلم ما كان ولا يعلم ما يكون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.