محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (208)

{ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين 208 } .

{ يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم } بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام فيهما . قراءتان سبعيتان أي : في الإسلام . قال امرؤ القيس بن عابس :

فلست مبدّلا بالله ربًّا *** ولا مستبدلا بالسِّلم دينا . . !

ومثله قول أخي كَنْدَةَ :

دعوت عشيرتي للسِّلم لمّا *** رأيتهم تولّوا مدبرينا . . !

قال الرازي : أصل هذه الكلمة من الانقياد . قال الله تعالى : { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } {[1186]} . والإسلام إنما سمي لهذا المعنى . وغلب اسم السلم على الصلح وترك الحرب . وهذا أيضا راجع إلى هذا المعنى . لأن عند الصلح ينقاد كل واحد لصاحبه ولا ينازعه فيه .

ومعنى الآية : ادخلوا في الاستسلام والطاعة . أي : استسلموا لله وأطيعوه ولا تخرجوا عن شيء من شرائعه { كافة } حال من الضمير في { ادخلوا } { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي : طرقه التي يأمركم بها . ف { إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا / على الله ما لا تعلمون } {[1187]} و{ إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } {[1188]} وضم الطاء من { خطوات } وإسكانها لغتان : حجازية وتميمية . وقد قرئ بهما في السبع . { إنه لكم عدو مبين } . ظاهر العداوة أو مُظهِر لها . أي : بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه السلام وغيره ، مما شواهده ظاهرة .


[1186]:[2/ البقرة/ 131].
[1187]:[2/ البقرة/ 169].
[1188]:[35/ فاطر/ 6] وأول الآية: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا...}.