تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (208)

الآية 208 وقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) فيه لغتان{[2374]} ؛ بالكسر والنصب ، فمن قرأ [ ذلك ]{[2375]} بالكسر ، فهو الإسلام ، ومن قرأ [ ذلك ]{[2376]} بالنصب ، فهو الصلح ، كقوله تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) [ الحجرات : 9 ] إلى آخر الآية . فإن قيل : كيف أمر بالدخول ، وهم فيه لأنه خاطب المؤمنين بقوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) ؟ قيل بوجوه :

أحدها : أنه يحتمل قوله : ( يا أيها الذين آمنوا ) [ آمنتم ]{[2377]} بألسنتكم آمنوا بقلوبكم ، ويحتمل : ( يا أيها الذين آمنوا ) ببعض الرسل من نحو عيسى وموسى وغيرهما{[2378]} من الأنبياء آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقيل : أمره إياهم بالدخول أمر بالثبات عليه . وقيل : إنه تعالى إنما{[2379]} أمرهم فيه لأن للإيمان حكم التجدد والحدوث في كل وقت ؛ لأنه فعل ، والأفعال تنقضي ، ولا تبقى ، كأنه قال : ( يا أيها الذين آمنوا ) فيما مضى من الأوقات ، آمنوا في حادث الأوقات . وعلى هذا يخرج تأويل قوله : ( يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله ) [ النساء : 136 ] .

وقوله : ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ) قد ذكرنا تأويله فيما تقدم{[2380]} .


[2374]:- قرأ نائي في السلم بالكسر: انظر حجة القراءات ص 130.
[2375]:- من ط ع.
[2376]:- من ط ع.
[2377]:-ساقطة من النسخ الثلاث.
[2378]:- في النسخ الثلاث وغيرهم.
[2379]:- ساقطة من ط ع.
[2380]:- كان ذلك في تفسير الآية 168.