نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٞ} (208)

ولما{[9116]} ختم هذين القسمين بالساعي في رضى الله عنه{[9117]} مشاكلة للأولين {[9118]}حسن جداً{[9119]} تعقيبه بقوله : { يا أيها الذين آمنوا } ليكون هذا النداء واقعاً بادىء{[9120]} بدء{[9121]} في أذن{[9122]} هذا الواعي كما كان المنافق مصدوعاً بما سبقه من التقوى والحشر مع كونه دليلاً على صفة الرأفة ، وتكرير الأمر بالإيمان بين طوائف الأعمال من أعظم دليل على حكمة الآمر به فإنه مع كونه آكد{[9123]} لأمره وأمكن لمجده وفخره يفهم أنه العماد في الرشاد الموجب للإسعاد يوم التناد فقال : { ادخلوا في السلم } أي الإيمان الذي هو ملزم لسهولة الانقياد إلى كل خير ، وهو في الأصل بالفتح والكسر الموادعة{[9124]} في الظاهر بالقول والفعل أي يا من آمن{[9125]} بلسانه {[9126]}كهذا الألد{[9127]} ليكن الإيمان{[9128]} أو الاستلام بكلية الباطن والظاهر{[9129]} ظرفاً محيطاً بكم من جميع الجوانب فيحيط بالقلب والقالب{[9130]} كما أحاط باللسان ولا يكون لغرامة{[9131]} الجهل وجلافة{[9132]} الكفر{[9133]} إليكم سبيل { كآفة{[9134]} } أي وليكن جميعكم في ذلك شرعاً واحداً كهذا{[9135]} الذي يشري نفسه ، ولا تنقسموا{[9136]} فيكون بعضكم هكذا وبعضكم كذلك الألد ، فإن ذلك دليل الكذب في دعوى الإيمان .

ولما كان الإباء والعناد{[9137]} الذي يحمل{[9138]} عليه الأنفة والكبر فعل الشيطان وثمرة{[9139]} كونه{[9140]} من نار{[9141]} قال : { ولا تتبعوا } أي تكلفوا أنفسكم من أمر الضلال ضد ما فطرها الله تعالى عليه وسهله لها{[9142]} من الهدى { خطوات الشيطان } أي طرق{[9143]} {[9144]}المبعد المحترق{[9145]} في الكبر عن الحق . قال الحرالي : ففي إفهامه أن التسليط في هذا اليوم له ، وفيه إشعار وإنذار بما وقع في هذه الأمة وهو واقع وسيقع من خروجهم من السلم{[9146]} إلى الاحتراب بوقوع الفتنة في الألسنة والأسنة على{[9147]} أمر الدنيا وعودهم إلى أمور جاهليتهم ، لأن الدنيا أقطاع الشيطان كما أن الآخرة خلاصة الرحمن ، فكان ابتداء الفتنة منذ كسر{[9148]} الباب الموصد{[9149]} على السلم وهو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فلم يزل الهرج ولا يزال إلى أن تضع الحرب أوزارها{[9150]} .

ثم علل ذلك سبحانه وتعالى بقوله : { إنه لكم عدو مبين * } أي بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه الصلاة والسلام وغير ذلك مما شواهده ظاهرة ، وما أحسن هذا الختم المضاد{[9151]} لختم التي قبلها ! فإن تذكر الرأفة منه سبحانه على{[9152]} عظمته والعبودية منا{[9153]} الذي هو معنى الولاية{[9154]} التي روحها الانقياد لكل ما يحبه الولي وتذكر عداوة المضل أعظم منفر منه وداع إلى الله سبحانه وتعالى .


[9116]:زيد من م وظ ومد.
[9117]:ليس في م ومد وظ.
[9118]:في الأصل: حين حذا، والتصحيح من بقية الأصول.
[9119]:في الأصل: حين حذا، والتصحيح من بقية الأصول.
[9120]:من م ومد وظ، وفي الأصل: باد.
[9121]:في ظ: بداء.
[9122]:في ظ: باذن.
[9123]:من م وظ ومد، وفي الأصل: الد.
[9124]:في ظ: المواعدة.
[9125]:زيد من م وظ ومد.
[9126]:ليس في ظ، وفي الأصل: لهذا – مكان: كهذا، والتصحيح من م ومد.
[9127]:ليس في ظ، وفي الأصل: لهذا – مكان: كهذا، والتصحيح من م ومد.
[9128]:ليست في ظ.
[9129]:ليست في ظ.
[9130]:ليس في ظ.
[9131]:في م ومد: لعرامة، وفي ظ: لعرامه.
[9132]:في الأصل: خلافة، وفي م: خلافه، والتصحيح من ظ ومد.
[9133]:من مد وظ، وفي الأصل وم: الكفو.
[9134]:"كافة" هو اسم فاعل استعمل بمعنى جميعا، وأصل اشتقاقه من كف الشيء منع من أخذه والكف المنع منه كفة القميص حاشيته ومنه الكف وهو طرف اليد لأنه يكف بها عن سائر البدن ورجل مكفوف منع بصره أن ينظر ومنه كفة الميزان لأنه تمنع الموزون أن ينتشر – البحر المحيط 2 / 109.
[9135]:من م ومد وظ، وفي الأصل: لهذا.
[9136]:من ظ، وفي م: لا تتقسموا وفي الأصل: لا يتقسموا، وفي مد: لا ينقسموا.
[9137]:في م: الفساد.
[9138]:في ظ ومد: تحمل.
[9139]:من مد وفي الأصل: غيره وفي م وظ: ثمره.
[9140]:من م ومد وظ، وفي الأصل: كار – كذا.
[9141]:من م ومد وظ، وفي الأصل: كار – كذا.
[9142]:من م وظ ومد، وفي الأصل: له.
[9143]:في ظ: طرقه.
[9144]:ليس في ظ، وفي الأصل: البعد – مكان المبعد، والتصحيح من م ومد.
[9145]:ليس في ظ، وفي الأصل: البعد – مكان: المبعد، والتصحيح من م ومد.
[9146]:من م وظ ومد، وفي الأصل: المتسلم.
[9147]:في ظ: إلى.
[9148]:في الأصل: نحو، والتصحيح من م وظ ومد.
[9149]:في مد: المرصد.
[9150]:زيد في م وظ ومد، انتهى.
[9151]:من م وظ ومد، وفي الأصل: مصادر.
[9152]:من م وظ ومد، وفي الأصل: وتعالى.
[9153]:زيد من م وظ ومد.
[9154]:في الأصل: الدلالة، والتصحيح من م وظ ومد.