محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَجَعَلۡنَٰهَا نَكَٰلٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهَا وَمَا خَلۡفَهَا وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ} (66)

{ فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين 66 } .

{ فجعلناها } أي المسخة والعقوبة { نكالا } عبرة تنكل المعتبر بها ، أي تمنعه وتردعه . ومنه النكل للقيد { لما بين يديها } من المعاصي من أهل عالمها الشاهدين لها { وما خلفها } ممن جاء بعدهم ، أو لأهل تلك القرية وما حواليها ، أو لما بحضرتها من القرى وما تباعد عنها { وموعظة للمتقين } من قومهم ، أو لكل متق سمعها . وأشعر هذا أن التقوى عصمة من كل محذور ، وأن النقم تقع في غيرهم ، وعظاً لهم .

( تنبيه ) :

أفادت هذه الآية التنويه بشأن يوم السبت عند الإسرائيليين ، إذ مستحلوه منهم مسخوا قردة . وفي ترجمة التوراة ما نصه : وكلم الرب موسى قائلا : كلم بني إسرائيل ، تحفظون السبت لأنه مقدس لكم ، من دنّسه يقتل ، ومن صنع فيه عملا يقطع من بين شعبه . في ستة أيام تصنع الأعمال ، وأما اليوم السابع ففيه سبت راحة ، وليحفظ بنو إسرائيل السبت ، وليتخذوه عيدا بأجيالهم . لأن الرب خلق السماء والأرض في ستة أيام ، وفرغ يوم السابع . وفيها أيضا ما نصه : في ستة أيام تعمل عملك ، وأما اليوم السابع ففيه تستريح ، لكي يستريح ثورك وحمارك ويتنفس ابن أمتك والغريب . انتهى .

وقد حرم على اليهود فيه أن يُعدّوا طعامهم . بل حرم عليهم أن يوقدوا نارا . وفي / سفر نحميا في الفصل الثالث عشر ما نصه : وفي تلك الأيام رأيت في يهوذا قوما يدوسون في المعاصر في السبت ويأتون بأكداسها يحملونها على الحمير ، وبخمر أيضا ، وعنب وتين ، وكل حمل مما كانوا يأتون به إلى أورشليم في يوم السبت . فأشهدت عليهم يوم بيعهم الطعام . وكان الصوريون المقيمون بها يأتون بالسمك . وكل نوع من المبيعات ، ويبيعون في يوم السبت لبني يهوذا وفي أورشليم . فخاصمتُ عظماء يهوذا ، وقلت لهم : ما هذا الشرّ الذي تفعلونه وتدنّسون يوم السبت ؟ ألم تفعل آباؤكم هكذا ؟ فجلب إلهنا كل هذا الشر علينا وعلى هذه المدينة ، وأنتم تزيدون الغضب على بني إسرائيل بتدنيسكم السبت ، إلى آخره .