فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (89)

{ كتاب } القرآن الكريم

{ مصدق لما معكم } يصدق الذي معهم من التوراة .

{ يستفتحون } يستخبرون أو يستنصرون .

ولما جاء اليهود من بني إسرائيل القرآن المجيد الذي هو تنزيل المولى الحكيم الحميد والذي يتوافق وما آتاهم من التوراة والإنجيل وكانوا من قبل نزول القرآن الموحى به إلى خاتم النبيئين محمد عليه الصلاة والسلام كانوا يستنصرون{[347]} به على الكافرين فلما بعث الله خاتم رسله وأنزل أكرم كتبه كفر به اليهود فاستحقوا أن يبعدوا من رحمة الله تعالى ومن هدايته فاستحبوا الكفر على الإيمان .


[347]:عن عاصم بن عمر وبن قتادة الأنصاري عن أشياخ منهم قالوا ففينا والله وفيهم- يعني في الأنصاري وفي اليهود الذين كانوا جيرانهم نزلت هذه القصة يعني {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} قالوا كنا قد علوناهم دهرا في الجاهلية ونحن أهل الشرك وهم أهل الكتاب فكانوا يقولون إن نبيا الآن مبعثه قد أظل زمانه يقتلكم قتل عاد وإرم فلما بعث الله تعالى ذكره رسوله من قريش واتبعناه كفروا به يقول الله {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} وعن ابن عباس أن يهودا كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البرار بن معرور أخو بني سلمة يا معشر يهود اتقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم ونحن أهل الشرك وتخبرونا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم فأنزل الله جل ثناؤه في ذلك من قولهم {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقا لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين} كلا القولين نقلهما صاحب جامع البيان.