محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

86- سورة الطارق

هي مكية وآيها سبع عشرة .

روى الإمام أحمد {[1]} عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي حبل العدواني عن أبيه " أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي عندهم النصر فسمعته يقرأ { والسماء والطارق } حتى ختمها قال فوعيتها في الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها في الاسلام قال فدعتني ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل ؟ فقرأتها عليهم فقال من معهم من قريش نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم ما يقول حقا لاتبعناه " وروى النسائي{[2]} عن جابر قال " صلى معاذ المغرب فقرأ البقرة أو النساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم أفتان أنت يا معاذ ؟ ما كان يكفيك أن تقرأ ب { السماء والطارق والشمس وضحاها } ونحو هذا ؟ " .

{ والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب } أي المضيء كأنه يثقب ظلمة الليل وينفذ فيه فيبصر بنوره ويهتدى به وسمي طارقا لأنه يطرق ليلا أي يبدو فيه .

قال الشهاب الطارق من ( الطرق ) وأصل معناه الضرب بوقع وشدة يسمع لها صوت ومنه المطرقة والطريق لأن السابلة تطرقها ثم صار في عرف اللغة اسما لسالك الطريق لتصور أنه يطرقها بقدمه واشتهر فيه حتى صار حقيقة وتسمية الآتي ليلا ( طارقا ) لأنه في الأكثر يجد الأبواب مغلقة فيطرقها .

والتعريف في { النجم } للجنس وأصل معنى ( الثقب ) الخرق فالثاقب الخارق ثم صار بمعنى المضيء لتصور أنه ثقب الظلام أو الفلك وفي إبهامه ثم تفسيره تفخيم لشأنه وتنبيه على الاعتبار والاستدلال به .


[1]:(4 النساء 15 و 16).
[2]:(24 النور 2).