من وراء حجاب : يُسمع ولا يُرى .
بعد أن بين تعالى النعم الحسيّة التي يعيش بها الناس ، بيّن هنا النعمَ الروحية التي تحيا بها القلوب ، وتعمرُ الأنفس ، وبيّن أن الناس محجوبون عن ربّهم ، لأنهم في عالم المادة وهو منزَّهٌ عنها ، ولكن من رقَّ حجابُه ، وخَلَصَت نفسُه من شوائب المادة ، فإنه يستطيع أن يتصل بالملأ الأعلى ، وأن يسمع كلام ربّه بأحد الأوجه الآتية :
1- أن يحسّ بمعان تُلقى في قلبه ، أو يرى رؤيا صادقة كرؤيا الخليل إبراهيم بأنه يذبح ولده . . . ورؤيا الأنبياء وحي .
2- أن يسمع كلاماً من وراء حجاب كما سمع موسى عليه السلام من غير أن يبصر من يكلّمه ، فقد سمع كلاما ولم ير المتكلم .
{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ( 51 ) }
وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه الله إلا وحيًا يوحيه الله إليه ، أو يكلمه من وراء حجاب ، كما كلَّم سبحانه موسى عليه السلام ، أو يرسل رسولا ، كما ينزل جبريل عليه السلام إلى المرسل إليه ، فيوحي بإذن ربه لا بمجرد هواه ما يشاء الله إيحاءه ، إنه تعالى عليٌّ بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله ، قد قهر كل شيء ودانت له المخلوقات ، حكيم في تدبير أمور خلقه . وفي الآية إثبات صفة الكلام لله تعالى على الوجه اللائق بجلاله وعظيم سلطانه .
{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم }
{ وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا } أن يوحي إليه { وحياً } في المنام أو بإلهام { أو } إلا { من وراء حجاب } بأن يسمعه كلامه ولا يراه كما وقع لموسى عليه السلام { أو } إلا أن { يرسل رسولاً } ملكاً كجبريل { فيوحي } الرسول إلى المرسل إليه أي يكلمه { بإذنه } أي الله { ما يشاء } الله { إنه عليَّ } عن صفات المحدثين { حكيم } في صنعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.