تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

يوم الجمع : يوم القيام .

يوم التغابن : هو يوم القيامة ، وسُمي بذلك لأن أهلَ الجنة تغبن فيه أهل النار بما يصير إليه أهل الجنة من النعيم وما يلقى أهل النار من العذاب في الجحيم . وأصل الغَبن : النقص ، غبن فلان فلاناً في البيع : نقصه حقه . والخلاصة أنه في ذلك اليوم يظهر الربح والخسران ، فيربح المؤمنون ، ويخسر الجاحدون الكافرون .

ثم أنذر بأنه تعالى يجمعهم يومَ القيامة ، يوم يظهر ربح الرابحين وخسران المبطلين فقال :

{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الجمع ذَلِكَ يَوْمُ التغابن }

في ذلك اليوم يُغبن الكافرون ويربح المؤمنون ، وما أعظمه من ربح ! ! إنه لا غبنَ أعظم من أن قوما ينعمون ، وقوما يعذَّبون ، ذلك هو الخسران المبين . ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يُذهب عنه سيئاته { وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذَلِكَ الفوز العظيم } ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده ، { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَاز } [ آل عمران : 185 ] .

قراءات :

قرأ يعقوب : يوم نجمعكم بالنون ، والباقون : يجمعكم بالياء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

{ 9-10 } { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }

يعني : اذكروا يوم الجمع الذي يجمع الله به الأولين والآخرين ، ويقفهم موقفًا هائلاً عظيمًا ، وينبئهم بما عملوا ، فحينئذ يظهر الفرق والتفاوت بين الخلائق ، ويرفع أقوام إلى أعلى عليين ، في الغرف العاليات ، والمنازل المرتفعات ، المشتملة على جميع اللذات والشهوات ، ويخفض أقوام إلى أسفل سافلين ، محل الهم والغم ، والحزن ، والعذاب الشديد ، وذلك نتيجة ما قدموه لأنفسهم ، وأسلفوه أيام حياتهم ، ولهذا قال : { ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ } .

أي : يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق ، ويغبن المؤمنون الفاسقين ، ويعرف المجرمون أنهم على غير شيء ، وأنهم هم الخاسرون ، فكأنه قيل : بأي شيء يحصل الفلاح والشقاء والنعيم والعذاب ؟

فذكر تعالى أسباب ذلك بقوله : { وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ } [ أي : ] إيمانًا تامًا ، شاملاً لجميع ما أمر الله بالإيمان به ، { وَيَعْمَلْ صَالِحًا } من الفرائض والنوافل ، من أداء حقوق الله وحقوق عباده . { يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } فيها ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ الأعين ، وتختاره الأرواح ، وتحن إليه القلوب ، ويكون نهاية كل مرغوب ، { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يَوۡمَ يَجۡمَعُكُمۡ لِيَوۡمِ ٱلۡجَمۡعِۖ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلتَّغَابُنِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعۡمَلۡ صَٰلِحٗا يُكَفِّرۡ عَنۡهُ سَيِّـَٔاتِهِۦ وَيُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (9)

قوله : { يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن } يوم منصوب على أنه ظرف وهو متعلق بقوله : { لتبعثن } أو { لتنبّؤن } وقيل : بإضمار فعل وتقديره : واذكر يوم{[4552]} يعني واذكر يوم يجمعكم الله ليوم الجمع وهو يوم القيامة ، إذ يجمع الله فيه الأولين والآخرين أجمعين في المحشر للحساب والجزاء { ذلك يوم التغابن } والتغابن من الغبن وهو النقص ، غبنه في البيع أي نقصه فهو مغبون ، أي منقوص في الثمن أو غيره{[4553]} .

قال الزمخشري في الكشاف : التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة وهو أن يغبن بعضهم بعضا ، لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء ، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء . وفيه تهكم بالأشقياء ، لأن نزولهم ليس بغبن . وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد يدخل الجنة إلا أري مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا . وما من عبد يدخل النار إلا أري مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حسرة " .

قوله : { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفّر عنه سيئاته } وهذا وعد من الله لعباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤدون الطاعات بأن يمحو عنهم الذنوب { ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم } الإشارة إلى محو الخطايا وستر الذنوب ودخول الجنات حيث النعيم الخالد المقيم ، فإن ذلكم لهو الفوز العظيم الذي لا يضاهيه فوز .


[4552]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 443.
[4553]:المصباح المنير جـ 2 ص 94 ومختار الصحاح ص 468.