تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

تعجبك أجسامهم : لصباحتها وتناسُب أعضائها .

تسمع لقولهم : لفصاحتهم وحسن حديثهم .

خشُب مسندة : جمع خشبة ، يعني أنهم أجسام فارغة لا حياة فيها .

يحسبون كل صيحة عليهم : فهم لشعورهم بالذنب وبحقيقة حالهم ، يظنون أن كل صوت أو حركة عليهم .

قاتلَهم الله : لعنهم الله وطردهم من رحمته .

يؤفكون : يصرفون عن الحق .

ثم وصف هيئاتهم الظاهرة والباطنة ، فأجسامُهم في الظاهر حسنة تُعجِب الناس ، ومنطقهم حسن ، ولكلامهم حلاوة ، أما في الباطن فهم خُشُبٌ لا فائدة فيها ، أشباح بلا أرواح ، فسدت بواطنهم ، وحسنت ظواهرهم .

ثم وصفهم بالجبن والذلة إذا سمعوا أي صوت أو حركة ظنّوا أنهم المقصودون ، وأن أمرهم قد افتُضِح : { يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ } وأنهم هالكون لا محالة . { هُمُ العدو فاحذرهم } أيها الرسول ، ولا تأمنهم أبدا .

ثم زاد في ذمهم وتوبيخهم فقال :

{ قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ } لعنهم الله وطردَهم من رحمته كيف يُصرَفون عن الحق إلى ما هم عليه من النفاق .

قراءات :

قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : خشب بإسكان الشين . والباقون : خشب بضم الخاء والشين .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } في طولها واستواء خلقها وكا ن عبد الله ابن أبي

5 7 جسيما صبيحا فصيحا اذا تكلم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله وهو قوله { وإن يقولوا تسمع لقولهم } ثم أعلم أنهم في ترك التفهم بمنزلة الخشب فقال { كأنهم خشب مسندة } أي ممالة الى الجدار { يحسبون } من جبنهم وسوء ظنهم { كل صيحة عليهم } أي ان نادى مناد في العسكر أو ارتفع صوت ظنوا أنهم يرادون بذلك لما في قلوبهم من الرعب { هم العدو } وان كانوا معك { فاحذرهم } ولا تأمنهم { قاتلهم الله } لعنهم الله { أنى يؤفكون } من أين يصرفون عن الحق بالباطل

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

ولما وصف سبحانه بواطنهم بما زهد فيهم{[65468]} لأن الإنسان بعقله{[65469]} كما أن المأكول بشكله ، وكانت لهم أشكال تغر ناظرها لأن العرب كانت تقول : جمال{[65470]} المنظر يدل غالباً على حسن المخبر ، قال تعالى : { وإذا رأيتهم } أي أيها{[65471]} الرسول على ما لك من الفطنة ونفوذ الفراسة أو أيها الرائي كائناً من كان بعين البصر { تعجبك أجسامهم } لضخامتها وصباحتها ، فإن غايتهم كلها بصلاح ظواهرهم وترفيه أنفسهم ، فهم أشباح وقوالب ليس وراءها ألباب وحقائق ، قال ابن عباس رضي الله عنهما{[65472]} : كان ابن أبي - يعني{[65473]} - الذي نزلت السورة بسببه - جسيماً فصيحاً صحيحاً ذلق اللسان ، وقوم من المنافقين في مثل صفته وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستندون فيه ولهم {[65474]}جهارة المناظر{[65475]} وفصاحة الألسن ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حضر يعجبون بهياكلهم . ولما وصف البواطن والظواهر ، وكان قولهم : المرء بأصغريه قلبه ولسانه مشروطاً كما هو ظاهر العبارة بمطابقة اللسان للقلب ، قال معبراً بأداة الشك إشارة إلى{[65476]} أنهم لا يكلمونه صلى الله عليه وسلم إلا اضطراراً لأنهم لا يحبون مكالمته ولا باعث لهم عليها لما عندهم من أمراض القلوب : { وإن يقولوا } أي يوجد منهم قول في وقت من الأوقات { تسمع لقولهم } أي لأنه{[65477]} يكون بحيث يلذذ السمع ويروق الفكر لما فيه من الادهان مع الفصاحة فهو يأخذ بمجامع القلب .

ولما أخبر عن ظاهرهم ، دل على أن ذلك الظاهر أمر لا حقيقة له ، وأنهم لما وطنوا أنفسهم على الوقاحة وخلعوا لباس{[65478]} الحياء بالكذب بذلوا جميع الجهد في تحسين القول لأنه لا درك عليهم فيه فيما يحسبون بوجه لأنهم لا يحسبون للآخرة حساباً فقال : { كأنهم } أي في{[65479]} حسن ظواهرهم وسوء بواطنهم وفي الجبن والخور وعدم الانتفاع بهم في شيء من فهم أو ثبات{[65480]} فإنهم لا حقيقة لهم { خشب } جمع كثرة لخشبة وهو دليل على كثرتهم . ولما كان الخشب ربما أطلق على المغروس ، نفى ذلك بقوله منبهاً بالتشديد على الكثرة : { مسندة } أي قد قطعت من مغارسها وقشرت{[65481]} وأسندت إلى الجدر لئلا يفسدها التراب ، فهي بيض تلوح تعجب{[65482]} ناظرها ولا ثبات لها ولا باطن بثمرة ولا سقي فلا مدد سماوي لها{[65483]} أصلاً يزكيها نوع زكاء{[65484]} فقد فقدت{[65485]} روح الإنبات الذي به كمالها كما فقد المنافق {[65486]}روح الإيمان{[65487]} الذي به كمال الناطق وبقاؤه ، فهم في تلك الحالة أشباح بلا أرواح أجسام بلا أحلام .

ولما كان من يقول ما{[65488]} لا يفعل يصير متهماً لكل من يكلمه ، لأنه لإخلافه له قد صار عدوه فيتوهم الناس كلهم أعداء له فيكسبه ذلك أشد الجبن ، وذلك هو السبب الأعظم في تحسين قوله ، قال : { يحسبون } أي لضعف عقولهم وكثرة ارتيابهم لكثرة ما يباشرون من سوء أعمالهم { كل صيحة } أي من نداء مناد في انفلات دابة أو إنشاد ضالة ، ونحو ذلك { عليهم } أي واقعة . ولما كان من يظن عداوة الناس له{[65489]} يكون هو عدواً لهم ، قال نتيجة ما مضى : { هم } أي خاصة { العدو } أي كامل العداوة بما دل عليه الإخبار بالمفرد الذي يقع على الجمع دون الجمع إشارة إلى أنهم - في شدة عداوتهم للاسلام وأهله وكمال قصدهم وشدة سعيهم فيه - على قلب واحد وإن أظهروا التودد{[65490]} في الكلام والتقرب به إلى أهل الإسلام ، فإن ألسنتهم معكم إذا لقوكم ، وقلوبهم عليكم مع أعدائكم ، فهو عيون لهم عليكم .

ولما بين ذلك من سوء أحوالهم سبب عنه قوله : { فاحذرهم } لأن أعدى الأعداء العدو المداحي الذي يكاشرك وتحت ظلوعه الداء الدوي ، فإن من استشعر أنك عدو له بغى لك الغوائل ، وأغلب من يعجبك قوله على هذا الوصف يكون ، ولكنه يكون{[65491]} بلطف الله دائم الخذلان منكوساً في أكثر تقلباته بيد{[65492]} القهر والحرمان لسر قوله تعالى : { قاتلهم الله } أي أحلهم الملك المحيط علماً وقدرة محل من{[65493]} يقاتله عدو قاهر له أشد مقاتلة على عادة الفعل الذي يكون بين اثنين .

ولما كان حالهم في غاية العجب في صرفهم عن الإسلام أولاً بالعمى عن الآيات الظاهرات ، وثانياً عن الإخبار بأسرارهم ، وخفي مكرهم وأخبارهم ، وفي عدم صرفهم عما{[65494]} هم عليه من قبح السرائر وسوء الضمائر بتعكيس{[65495]} مقاصدهم ، {[65496]}وتخييب{[65497]} مصادرهم في مكرهم ومواردهم ، دل على ذلك بقوله : { أنّى } أي كيف ومن أيّ وجه { يؤفكون * } أي يصرفهم{[65498]} عن إدراك قبح ما هم عليه صارف ما كائناً ما كان ليرجعوا عنه{[65499]} إلى حسن الدين والأنس به وإدراك بركته وعظيم أثره .


[65468]:- من ظ وم، وفي الأصل: هم فيه.
[65469]:- من ظ وم، وفي الأصل: بفعله.
[65470]:- من ظ وم، وفي الأصل: كمال.
[65471]:- من ظ وم، وفي الأصل: يايها.
[65472]:-راجع معالم التنزيل 7/ 82.
[65473]:- زيد من ظ و م.
[65474]:- من ظ وم وفي الأصل: جهالة الناظر.
[65475]:- من ظ وم وفي الأصل: جهالة الناظر.
[65476]:- من م وفي الأصل وظ: على.
[65477]:- من ظ وم وفي الأصل: أنه.
[65478]:- من ظ وم، وفي الأصل: الياس.
[65479]:- من م، وفي الأصل وظ: من.
[65480]:- من م، وفي الأصل وظ: إثبات.
[65481]:- من ظ وم، وفي الأصل: فسرت.
[65482]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65483]:- زيد من ظ وم.
[65484]:- من ظ وم، وفي الأصل: زكاة.
[65485]:- من ظ وم، وفي الأصل: فقد.
[65486]:- من م، وفي الأصل وظ: روحه.
[65487]:- من م، وفي الأصل وظ: روحه.
[65488]:- من ظ وم، وفي الأصل: و.
[65489]:- زيد في الأصل: إن، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[65490]:- من ظ وم، وفي الأصل: التود.
[65491]:- زيد من ظ وم.
[65492]:- من ظ وم، وفي الأصل: بيده.
[65493]:- زيد من ظ وم.
[65494]:- من ظ وم، وفي الأصل: على ما.
[65495]:- من ظ وم، وفي الأصل: تنعكس.
[65496]:- من ظ وم، وفي الأصل: أو بحسب.
[65497]:-من ظ وم، وفي الأصل: أو بحسب.
[65498]:- من م، وفي الأصل وظ: مصرفهم.
[65499]:- من ظ وم، وفي الأصل: منه.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{۞وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ هُمُ ٱلۡعَدُوُّ فَٱحۡذَرۡهُمۡۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ} (4)

{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون }

{ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم } لجمالها { وإن يقولوا تسمع لقولهم } لفصاحته { كأنهم } من عظم أجسامهم في ترك التفهم { خُشْب } بسكون الشين وضمها { مسندة } ممالة إلى الجدار { يحسبون كل صيحة } تصاح كنداء في العسكر وإنشاد ضالة { عليهم } لما في قلوبهم من الرعب أن ينزل فيهم ما يبيح دماءهم { هم العدوُّ فاحذرهم } فإنهم يفشون سرك للكفار { قاتلهم الله } أهلكهم { أنَّى يؤفكون } كيف يصرفون عن الإيمان بعد قيام البرهان .