تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

قانت : قائم بما يجب عليه من الطاعة .

آناء الليل : ساعاته ، واحدها آن .

يحذر الآخرة : يخشى عذابها .

بعد أن ذكر الله من يؤمن عندما يمسَه ضر ، ويكفر عند السرّاء ، بين أنه ليس سواءً عند الله مع من هو قانت يعبد الله في جميع حالاته ، ولا تزيده النعمة إلا إيماناً وشكراً ، رجاءَ رحمة ربه . قل لهم أيها الرسول : هل يستوي الذين يعلمون حقوق الله ، والذين لا يعلمون ! إنما يعتبر ويتعظ أولو الألباب ، أصحاب العقول الواعية المدركة .

وقد كرر الله تعالى هذا التعبير { أُوْلُو الألباب } ثلاثَ مرات في هذه السورة الكريمة دلالة على قيمة من يستعمل عقله ويفكر تفكيراً سليما .

وبعد أن نفى المساواة بين من يعبد الله في جميع حالاته ومن يلجأ إليه عند الاضطرار وينساه عند النعمة ، ثم من يعلم ومن لا يعلم ، أمر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أن ينصح المؤمنين بجملة نصائح .

قراءات :

قرأ ابن كثير ونافع وحمزة : { أمَن هو قانت } بفتح الميم بدون تشديد ، والباقون : { أمّن } بفتح الميم المشددة .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

{ أم من هو قانت } قائم مطيع لله { آناء الليل } أوقاته { يحذر } عذاب { الآخرة } كمن هو عاص ثم ضرب لهما مثلا فقال { هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي هل يستوي العالم والجاهل كذلك لا يستوي المطيع والعاصي { إنما يتذكر أولوا الألباب } إنما يتعظ بوعظ الله ذوو العقول

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

قوله تعالى : " أمن هو قانت آناء الليل " بين تعالى أن المؤمن ليس كالكافر الذي مضى ذكره . وقرأ الحسن وأبو عمرو وعاصم والكسائي " أمن " بالتشديد . وقرأ نافع وابن كثير ويحيى ابن وثاب والأعمش وحمزة : " أمن هو " بالتخفيف على معنى النداء ، كأنه قال يا من هو قانت . قال الفراء : الألف بمنزلة يا ، تقول : يا زيد أقبل وأزيد أقبل . وحكي ذلك عن سيبويه وجميع النحويين ، كما قال أوس بن حجر :

أبَنِي لُبَيْنَى لستُم بيدٍ *** إلا يدا ليست لها عَضُدُ

وقال آخر هو ذو الرمة :

أدارًا بِحُزْوَى هِجْتِ للعين عَبْرَةً *** فماءُ الهوى يَرْفَضُّ أو يَتَرَقْرَقُ

فالتقدير عل هذا " قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار " يا من هو قانت إنك من أصحاب الجنة ، كما يقال في الكلام : فلان لا يصلي ولا يصوم ، فيا من يصلي ويصوم أبشر ، فحذف لدلالة الكلام عليه . وقيل : إن الألف في " أمن " ألف استفهام أي " أمن هو قانت آناء الليل " أفضل ؟ أم من جعل لله أندادا ؟ والتقدير الذي هو قانت خير . ومن شدد " أمن " فالمعنى العاصون المتقدم ذكرهم خير " أمن هو قانت " فالجملة التي عادلت أم محذوفة ، والأصل أم من فأدغمت في الميم . النحاس : وأم بمعنى بل ، ومن بمعنى الذي . والتقدير : أم الذي هو قانت أفضل ممن ذكر . وفي قانت أربعة أوجه : أحدها : أنه المطيع . قاله ابن مسعود . الثاني : أنه الخاشع في صلاته . قاله ابن شهاب . الثالث : أنه القائم في صلاته . قاله يحيى بن سلام . الرابع : أنه الداعي لربه . وقول ابن مسعود يجمع ذلك . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( كل قنوت في القرآن فهو طاعة لله عز وجل ) وروي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الصلاة أفضل ؟ فقال : ( طول القنوت ) وتأوله جماعة من أهل العلم على أنه طول القيام . وروى عبد الله عن نافع عن ابن عمر سئل عن القنوت فقال : ما أعرف القنوت إلا طول القيام ، وقراءة القرآن . وقال مجاهد : من القنوت طول الركوع وغض البصر . وكان العلماء إذا وقفوا في الصلاة غضوا أبصارهم ، وخضعوا ولم يلتفتوا في صلاتهم ، ولم يعبثوا ولم يذكروا شيئا من أمر الدنيا إلا ناسين . قال النحاس : أصل هذا أن القنوت الطاعة ، فكل ما قيل فيه فهو طاعة لله عز وجل ، فهذه الأشياء كلها داخلة في الطاعة وما هو أكثر منها ، كما قال نافع : قال لي ابن عمر : قم فصل فقمت أصلي وكان علي ثوب خلق ، فدعاني فقال لي : أرأيت لو وجهتك في حاجة أكنت تمضى هكذا ؟ فقلت : كنت أتزين قال : فالله أحق أن تتزين له . واختلف في تعيين القانت ها هنا ، فذكر يحيى بن سلام أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباس في رواية الضحاك عنه : هو أبو بكر وعمر رضي الله عنهما . وقال ابن عمر : هو عثمان رضي الله عنه . وقال مقاتل : إنه عمار بن ياسر . الكلبى : صهيب وأبو ذر وابن مسعود . وعن الكلبي أيضا أنه مرسل فيمن كان على هذه الحال . " آناء الليل " قال الحسن : ساعاته : أوله وأوسطه وآخره . وعن ابن عباس : " آناء الليل " جوف الليل . قال ابن عباس : من أحب أن يهون الله عليه الوقوف يوم القيامة ، فليره الله في ظلمة الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ، ويرجو رحمة ربه . وقيل : ما بين المغرب والعشاء . وقول الحسن عام . " يحذر الآخرة " قال سعيد بن جبير : أي عذاب الآخرة . " ويرجو رحمة ربه " أي نعيم الجنة . وروي عن الحسن أنه سئل عن رجل يتمادى في المعاصي ويرجو فقال : هذا متمن . ولا يقف على قوله : " رحمة ربه " من خفف " أمن هو قانت " على معنى النداء ؛ لأن قوله : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " متصل إلا أن يقدر في الكلام حذف وهو أيسر ، على ما تقدم بيانه .

قوله تعالى : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " قال الزجاج : أي كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون كذلك لا يستوي المطيع والعاصي . وقال غيره : الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ويعملون به ، فأما من لم ينتفع بعلمه ولم يعمل به فهو بمنزلة من لم يعلم . " إنما يتذكر أولو الألباب " أي أصحاب العقول من المؤمنين .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

{ أم من هو قانت } بتخفيف الميم على إدخال همزة الاستفهام على من وقيل : هي همزة النداء الأول أظهر ، وقرئ بتشديدها على إدخال أم على من ومن مبتدأ وخبره محذوف وهو المعادل للاستفهام تقديره أم من هو قانت كغيره وإنما حذف لدلالة الكلام عليه وهو ما ذكر قبله وما ذكر بعده وهو قوله : { هل يستوي الذين يعلمون } والقنوت هنا بمعنى الطاعة والصلاة بالليل ، وآناء الليل ساعاته .