وهي مكية بإجماع ، وهي أول ما نزل من القرآن ، وفي قول أبي موسى وعائشة رضي الله عنهما . وهي تسع عشرة آية .
قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق }
هذه السورة أول ما نزل من القرآن في قول معظم المفسرين . نزل بها جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو قائم على حراء ، فعلمه خمس آيات من هذه السورة . وقيل : إن أول ما نزل " يا أيها المدثر " [ المدثر : 1 ] ، قاله جابر بن عبد الله ، وقد تقدم{[16197]} . وقيل : فاتحة الكتاب أول ما نزل . قاله أبو ميسرة الهمداني . وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه : أول ما نزل من القرآن " قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم{[16198]} " [ الأنعام : 151 ] والصحيح الأول . قالت عائشة : أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الرؤيا الصادقة{[16199]} ، فجاءه الملك فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلف خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم " . خرجه البخاري .
وفي الصحيحين عنها قالت : أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، يتحنث{[16200]} فيه الليالي ذوات العدد ، قبل أن يرجع إلى أهله{[16201]} ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجئه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك ، فقال : [ اقرأ ] : فقال : ( ما أنا بقارئ - قال - فأخذني فغطني{[16202]} ، حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ) فقال : [ أقرأ ] فقلت : [ ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فقال : " اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ] الحديث بكامله . وقال أبو رجاء العطاردي : وكان أبو موسى الأشعري يطوف علينا في هذا المسجد : مسجد البصرة ، فيقعدنا حلقا ، فيقرئنا القرآن ، فكأني أنظر إليه بين ثوبين له أبيضين ، وعنه أخذت هذه السورة : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " . وكانت أول سورة أنزلها اللّه على محمد صلى اللّه عليه وسلم . وروت عائشة رضي اللّه عنها أنها أول سورة أنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم بعدها " ن والقلم " ، ثم بعدها " يا أيها المدثر " ثم بعدها " والضحى " ذكره الماوردي . وعن الزهري : أول ما نزل سورة : " اقرأ باسم ربك - إلى قوله - ما لم يعلم " ، فحزن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وجعل يعلو شواهق الجبال ، فأتاه جبريل فقال له : [ إنك نبي اللّه ] فرجع إلى خديجة وقال : [ دثروني ، وصبوا عليّ ماء باردا ] فنزل " يا أيها المدثر " [ المدثر : 1 ] . ومعنى " اقرأ باسم ربك " أي اقرأ ما أنزل إليك من القرآن مفتتحا باسم ربك ، وهو أن تذكر التسمية في ابتداء كل سورة . فمحل الباء من " باسم ربك " النصب على الحال . وقيل : الباء بمعنى على ، أي اقرأ على اسم ربك . يقال : فعل كذا باسم اللّه ، وعلى اسم اللّه . وعلى هذا فالمقروء محذوف ، أي اقرأ القرآن ، وافتتحه باسم اللّه . وقال قوم : اسم ربك هو القرآن ، فهو يقول : " اقرأ باسم ربك " أي اسم ربك ، والباء زائدة ، كقوله تعالى " تنبت بالدهن " [ المؤمنون : 20 ] ، وكما قال :
سُود المحاجر لا يقرأْنَ بالسُّوَرِ{[16203]}
أراد : لا يقرأن السور . وقيل : معنى " اقرأ باسم ربك " أي اذكر اسمه . أمره أن يبتدئ القراءة باسم اللّه .
{ اقرأ باسم ربك الذي خلق 1 خلق الإنسان من علق 2 اقرأ وربك الأكرم 3 الذي علم بالقلم 4 علم الإنسان ما لم يعلم } .
هذه السورة أول ما نزل من القرآن . وهذا قول ابن عباس وآخرين . والجمهور على أن فاتحة الكتاب أول ما نزل ثم سورة القلم .
وقد روى الإمام أحمد عن عائشة قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم . فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . ثم حبب إليه الخلاء . فكان يأتي حراء فيتحنث ( يتعبد ) فيه الليالي ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها ، حتى فاجأه الوحي وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فيه فقال : اقرأ . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني . فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني . فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } حتى بلغ { ما لم يعلم } فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال : " زملوني زملوني " فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال : " يا خديجة : ما لي ؟ " وأخبرها الخبر . وقال : " قد خشيت على نفسي " فقالت له : كلاّ أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخي أبيها وكان قد تنصّر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العربي ، وكتب بالعبرانية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة : أي ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال ورقة : ابن أخي ما ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ليتني فيها جذعا{[4832]} ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أو مخرجيّ هم ؟ " فقال ورقة : نعم . لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي ، وإن أدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي{[4833]} .
قوله : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } يعني اقرأ القرآن مفتتحا باسم الله ومستعينا به { الذي خلق } الله الذي له الخلق وهو خالق كل شيء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.