قوله تعالى : " لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا " يريد : يصيح من بعيد : يا أبا القاسم ! بل عظموه كما قال في الحجرات : " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله " {[12086]} [ الحجرات :3 ] الآية . وقال سعيد بن جبير ومجاهد : المعنى قولوا يا رسول الله ، في رفق ولين ، ولا تقولوا يا محمد بتجهم . وقال قتادة : أمرهم أن يشرفوه ويفخموه . ابن عباس : لا تتعرضوا لدعاء الرسول عليكم بإسخاطه فإن دعوته موجبة . " قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا " التسلل والانسلال : الخروج واللواذ من الملاوذة ، وهي أن تستتر بشيء مخافة من يراك ، فكان المنافقون يتسللون عن صلاة الجمعة . " لواذا " مصدر في موضع الحال ، أي متلاوذين ، أي يلوذ بعضهم ببعض ، ينضم إليه استتارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه لم يكن على المنافقين أثقل من يوم الجمعة وحضور الخطبة ؛ حكاه النقاش ، وقد مضى القول فيه . وقيل : كانوا يتسللون في الجهاد رجوعا عنه يلوذ بعضهم ببعض . وقال الحسن : لواذا فرارا من الجهاد ؛ ومنه قول حسان :
وقريشٌ تجول منا{[12087]} لِوَاذا *** لم تحافظ وخَفّ منها الحُلُومُ
وصحت واوها لتحركها في لاوذ . يقال : لاوذ يلاوِذ ملاوذة ولِواذا . ولاذ يلوذ لوذا ولياذا ، انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها اتباعا للاذ في الاعتلال ، فإذا كان مصدر فاعل لم يعل ؛ لأن فاعل لا يجوز أن يعل .
قوله تعالى : " فليحذر الذين يخالفون عن أمره " بهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر على الوجوب . ووجهها أن الله تبارك وتعالى قد حذر من مخالفة أمره ، وتوعد بالعقاب عليها بقوله : " أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " فتحرم مخالفته ، فيجب امتثال أمره . والفتنة هنا القتل ؛ قاله ابن عباس . عطاء : الزلازل والأهوال . جعفر بن محمد : سلطان جائر يسلط عليهم . وقيل : الطبع على القلوب بشؤم مخالفة الرسول . والضمير في " أمره " قيل هو عائد إلى أمر الله تعالى ، قاله يحيى بن سلام . وقيل : إلى أمر رسوله عليه السلام ، قاله قتادة . ومعنى " يخالفون عن أمره " أي يعرضون عن أمره . وقال أبو عبيدة والأخفش : " عن " في هذا الموضع زائدة . وقال الخليل وسيبويه : ليست بزائدة ، والمعنى : يخالفون بعد أمره ، كما قال :
. . . لم تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّلِ{[12088]}
ومنه قوله : " ففسق عن أمر ربه " {[12089]} [ الكهف : 50 ] أي بعد أمر ربه . و " أن " في موضع نصب " بيحذر " . ولا يجوز عند أكثر النحويين حذر زيدا ، وهو في " أن " جائز ؛ لأن حروف الخفض تحذف معها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.