ثم قال تعالى يخاطب المؤمنين : { لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا }{[49353]}[ 61 ] ، أي{[49354]} : اتقوا دعاء الرسول عليكم إن مضيتم بغير أمره ، فتهلكوا ولا تجعلوا دعاءه عليكم كدعاء بعضكم على بعض ، فإن{[49355]} دعاءه مجاب . قاله ابن عباس{[49356]} .
وقال{[49357]} مجاهد : أمروا أن يدعوا الرسول بلين وتواضع ، ولا يدعوه بغلظ وجفاء ، كما يخاطب بعضكم بعضا . وهذا مثل قوله : { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ، ولا تجهروا{[49358]} له بالقول كجهر بعضكم }{[49359]} .
وقال{[49360]} قتادة : أمروا أن يفخموه ويشرفوه ، وقول{[49361]} ابن عباس : أليق بما تقدم قبله من المعنى .
ثم قال تعالى : {[49362]} { قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا }[ 61 ] ، الآية ، هذه الآية نزلت{[49363]} في حفر الخندق{[49364]} حول المدينة{[49365]} ، وذلك أن اليهود سعت{[49366]} في البلاد على حرب النبي صلى الله عليه وسلم{[49367]} ، فأتت{[49368]} قريش{[49369]} وقائدها أبو سفيان{[49370]} ، وأتت غطفان{[49371]} من قيس وقائدها عيينة بن حصن{[49372]} ، فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب الخندق على المدينة ، وذلك في شوال من{[49373]} سنة خمس من الهجرة فعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق بيده ، وعمل معه المسلمون ، وتخلف عن العمل رجال من المنافقين ، وجعلوا يعتذرون بالضعف ويتسللون إلى أهليهم بغير إذن من{[49374]} رسول الله وجعل المؤمنون يستأذنون النبي عليه{[49375]} السلام إذا عرضت لهم حاجة ، فأنزل الله هذه الآية في ذلك .
قال{[49376]} الضحاك : كان يستتر بعضهم ببعض فيقومون . ولواذا{[49377]} مصدر لاوذ ويجوز أن يكون في موضع الحال{[49378]} ، أي متلاوذين أي مخالفين ، يلوذ بعضهم ببعض ، فيستتر به لئلا يرى عند انصرافه .
قال{[49379]} مجاهد : لواذا ، كما اعتل قياما ، لأن الواو صحت في الفعل ، فقيل لاوذ يُلاوذ فصحت في المصدر{[49380]} واعتلت في الفعل من قيام ، فقيل{[49381]} : قام يقوم فوجب أن يعتل في المصدر ، فقيل : من أجل ذلك قياما فما عرفه .
ثم قال : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة }[ 61 ] ، أي ليحذر من يخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصيبه فتنة وهي{[49382]} : أن يطبع على قلبه{[49383]} فلا يؤمن ، أي يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه .
قال{[49384]} ابن زيد : هؤلاء المنافقون الذين يرجعون بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال اللواذ : الروغان ، ثم قال : { أو يصيبهم عذاب أليم }[ 61 ] ، أي في الدنيا على صنعهم ذلك .
وقال{[49385]} أبو عبيدة{[49386]} : " عن " هنا زائدة{[49387]} . وذلك بعيد ، على مذهب سيبويه ، وغيره لأن " عن " و " على " لا تزادان{[49388]} . ومعناه يخالفون بعدما أمرهم النبي عليه السلام{[49389]} .
وقال{[49390]} الطبري : المعنى : فليحذر الذين يولون{[49391]} عن أمره ويدبرون عنه معرضين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.