الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (167)

أي أعلم أسلافهم أنهم إن غيروا ولم يؤمنوا بالنبي الأمي بعث الله عليهم من يعذبهم . وقال أبو علي : " آذن " بالمد ، أعلم . و " أذن " بالتشديد ، نادى . وقال قوم : آذن وأذن بمعنى أعلم ، كما يقال : أيقن وتيقن . قال زهير :

فقلت تَعَلَّمْ إن للصيد غِرَّةً *** فإلا تُضَيِّعها فإنك قاتلُهْ

وقال آخر :

تَعَلَّمْ إن شر الناس حَيٌّ *** ينادَى في شعارهم يسارُ

أي اعلم{[7446]} . ومعنى " يسومهم " يذيقهم ، وقد تقدم في " البقرة{[7447]} " . قيل : المراد بختنصر . وقيل : العرب . وقيل : أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهو أظهر ؛ فإنهم الباقون إلى يوم القيامة . والله أعلم . قال ابن عباس : " سوء العذاب " هنا أخذ الجزية . فإن قيل : فقد مسخوا ، فكيف تؤخذ منهم الجزية ؟ فالجواب أنها تؤخذ من أبنائهم وأولادهم ، وهم أذل قوم ، وهم اليهود . وعن سعيد بن جبير " سوء العذاب " قال : الخراج ، ولم يجب نبي قط الخراج ، إلا موسى عليه السلام هو أول من وضع الخراج ، فجباه ثلاث عشرة سنة ، ثم أمسك ، ونبينا عليه السلام .


[7446]:قال أبو حيان في البحر: أجرى مجرى فعل القسم ولذلك أجيب بما يجاب به القسم وكذا قال الزمخشري.
[7447]:راجع ج 1 ص 384