الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبۡعَثَنَّ عَلَيۡهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَن يَسُومُهُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ ٱلۡعِقَابِ وَإِنَّهُۥ لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (167)

قوله سبحانه : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ القيامة مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ العذاب }[ الأعراف :167 ] .

معنى هذه الآية : وإِذْ علم اللَّه لَيَبْعَثَنَّ ، وتقتضي قوَّة الكلام ، أنَّ ذلك العلْمَ منه سبحانه مقترِنٌ بإنفاذٍ وإمِضاء ، كما تقول في أمر عَزَمْتَ عليه : عَلِمَ اللَّهُ لأَفْعَلَنَّ .

وقال الطبريُّ وغيره : { تَأَذَّنَ } معناهُّ : أعْلَمَ ، وقال مجاهد : { تَأَذَّنَ } معناه : أَمَرَ وقالت فرقة : معنى { تَأَذَّنَ } : تَأَلَّى ، والضمير في { عَلَيْهِمْ } ، لبني إِسرائيل ، وقوله : { مَن يَسُومُهُمْ } قال ابن عباس : هي إشارةٌ إِلى محمَّد صلى الله عليه وسلم وأُمَّتِهِ ، يسومُونَ اليهودَ سُوءَ العذاب .

قال ( ع ) : والصحيح أنَّ هذا حالهم في كل قُطْر ، ومَعَ كُلِّ مِلَّة ، و{ يَسُومُهُمْ } : معناه : يكَلِّفهم ويحمِّلهم ، و{ سُوءَ العذاب } : الظاهر منه : أنه الجِزْيَةُ ، والإذلالُ ، وقد حتم اللَّه علَيْهم هذا ، وحَطَّ مُلْكَهم ، فليس في الأرض رايَةٌ ليهوديٍّ ، ثم حَسُنَ في آخر الآية التنبيهُ على سرعة العِقَاب ، والتخويفُ لجميعِ الناسِ ، ثم رجى سبحانه بقوله : { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، لطفاً منه بعباده جلَّ وعَلا .