تفسير الأعقم - الأعقم  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

ثم بيَّن تعالى أن في الجن مؤمناً وكافراً كما في الإِنس فقال سبحانه : { وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن } ، قيل : صرفهم اليه بالأمر ، أمرهم يصيروا اليه ، وقيل : صرفهم إليه بالألطاف ، وقيل : صرفهم إليه بالشهب ، فإنها لما كثرت في أيام الرسول وحرست السماء علم جماعةٌ من الجن أنه لأمرٌ عظيم فصرفوا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لطلب العلم فكان الشهب لطفاً للجن ، قيل : كانوا سبعة نفر فجعلهم رسلاً إلى قومهم ، وقيل : تسعة ، وقيل : من جن نصيبين من أشرافهم منهم زوبعة ، فقربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا إلى وادي نخلة ، فرأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو قائم في جوف الليل يصلي أو في صلاة الفجر فاستمعوا لقراءته ، وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج اليهم يستنصرهم فلم يجيبوه إلى طلبته وأغروا به سفهاؤهم ، وقيل : بل

" أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن ينذر الجن ويقرأ عليهم ، فصرف الله نفراً منهم جمعهم له فقال : " إني أمرت أن أقرأ على الجن الليلة فمن يتبعني ؟ " قالها ثلاثاً ، فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود ( رضي الله عنه ) قال : لم يحضره ليلة الجن غيري ، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة في شعب الحجون فخط لي خطاً وقال : لا تخرج حتى أعود إليك ، ثم افتتح القراءة وسمعت صوتاً شديداً حتى خفت على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وغشيه أسودة كثيرة حالت حتى ما أسمع صوته ثم انقطعوا كقطع السحاب ، فقال لي رسول الله : " رأيت شيئاً ؟ " قلت : نعم رجالاً سوداً بثياب بيض ، فقال : " أولئك جن نصيبين وكانوا اثني عشر ألفاً " والسورة التي قرأها { إقرأ باسم ربك } [ العلق : 1 ] { فلما حضروه } للقرآن قالوا : { انصتوا } اسكتوا مستمعين { فلما قضى } تم قراءته وفرغ { ولوا إلى قومهم منذرين } .