جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

{ وإذ صرفنا } : أملنا ، { إليك نفرا } ، هو ما دون العشرة ، { من الجن يستمعون القرآن{[4601]} } ، وهو عطف على قوله : { أخا عاد } أي : واذكر إذ صرفنا ، { فلما حضروه } : القرآن أو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { قالوا } ، بعضهم لبعض : { أنصتوا } : نستمع القرآن ، { فلما قضي } : فرغ عن قراءته ، { ولوا } : رجعوا ، { إلى قومهم منذرين } ، إياهم بما سمعوا ، والأحاديث الصحاح والحسان بطرق مختلفة ، وتدل على أنه عليه السلام ذهب إلى الجن قصدا فتلا عليهم ، والأظهر كما قاله كثير من العلماء : أن استماعهم القرآن ليس مرة واحدة ولا يمكن توفيق الأحاديث المتضادة إلا بذلك ، فمرة في طريق الطائف ، ومرة في شعاب مكة ، ومرة في بوادي المدينة ،


[4601]:أخرج البخاري ومسلم وغيرهما، عن مسروق قال: سألت ابن مسعود رضي الله عنه من آذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجن ليلة استمعوا القرآن؟ قال: آذنته بهم الشجرة، وأخرج أحمد ومسلم، والترمذي عن علقمة قال: قلت لابن مسعود هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم أحد ليلة الجن؟ قال: ما صحبه منا أحد، ولكنا فقدناه ذات ليلة، فقلنا: اغتيل أستطير ما فعل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما كان في وجه الصبح، إذا نحن به يجئ من قبل حراء، فأخبرناه، فقال:(إنه أتاني داعي الجن، فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن) فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم، وقد وردت أحاديث كثيرة أن الجن بعد هذا وفدت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرة بعد مرة، وأخذوا عنه الشرائع/12 فتح.