تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قُضي } أي فرغ من قراءته { ولّوا إلى قومهم منذرين } قال بعضهم : إن النّذر من الجن والرسل [ وقال بعضهم ]{[19369]} : النذر من الإنس . فإن كان ما ذُكر فجائز على هذا أن يكون النفر الذي ذكر أنه صرفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستمعوا إلى القرآن منه ، هم النذر يدلّ على ذلك قوله : { ولّوا إلى قومهم منذرين } وفي ظاهر قوله تعالى : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا } [ الأنعام : 130 ] أن قد يكون من الجن الرسل كما يكون من البشر إلا أن يُقال ، إنه قد تُذكر الآيتان ، والمراد به إحداهما ، وذلك جائز في اللغة كقوله تعالى : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } [ الرحمن : 22 ] وإنما يخرج من أحدهما ، وهو المالح . فعلى ذلك هذا ، والله أعلم .

ثم يحتمل { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن } أي ألهمناهم ، وقذفنا في قلوبهم حتى صاروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوجّهوا إليه ، يستمعون إلى القرآن منه .


[19369]:في الأصل وم: و.