بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِذۡ صَرَفۡنَآ إِلَيۡكَ نَفَرٗا مِّنَ ٱلۡجِنِّ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوٓاْ أَنصِتُواْۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوۡاْ إِلَىٰ قَوۡمِهِم مُّنذِرِينَ} (29)

قوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الجن } وذلك ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث ، خرت الأصنام على وجوهها في تلك الليلة . فصاح إبليس صيحة ، فاجتمع إليه جنوده ، فقال لهم : قد عرض أمر عظيم ، امضوا فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها . يعني : امشوا وانظروا ماذا حدث من الأمر . وروى ابن عباس : أنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم حيل بين الشياطين وبين السماء ، وأرسل عليهم الشهب ، فجاؤوا إلى إبليس ، فأخبروه بذلك ، قال : هذا الأمر حادث ، اضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، فجاء نفر منهم ، فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي تحت نخلة في سوق عكاظ ، ومعه ابن مسعود وأصحابه ، وكان يقرأ سورة طه في الصلاة .

وروى وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن رجل ، عن زر بن حبيش ، في قوله تعالى : { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مّنَ الجن } قال : كانوا تسعة أحدهم : زوبعة أتوه ببطن نخلة { يَسْتَمِعُونَ القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُواْ أَنصِتُواْ } وروى عكرمة ، عن الزبير قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء الأخيرة ، فلما حضروا النبي صلى الله عليه وسلم ، قال بعضهم ، لبعض أنصتوا للقرآن واستمعوا { فَلَمَّا قُضِيَ } يعني : فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من القراءة والصلاة { وَلَّوْاْ } يعني : رجعوا { إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } قال مقاتل : يعني : المؤمنين . وقال الكلبي : يعني : مخوفين . وقال مجاهد : ليس في الجن رسل ، وإنما الرسل في الإنس ، والنذارة في الجن . ثم قرأ { فَلَمَّا قُضِىَ وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ } يعني : أنذروا قومهم من الجن .