قوله جلّ ذكره : { لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنينَ إِذْ يُبَايِعُونكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } .
هذا بيعة الرضوان ، وهي البيعة تحت الشجرة بالحديبية ، وسميت بيعة الرضوان لقوله تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عِنِ . . . الْمُؤْمِنِينَ } .
وكانوا ألفاً وخمسمائة وقيل وثلاثمائة وقيل وأربعمائة . وكانوا قصدوا دخولَ مكة ، فلما بلغ ذلك المشركين قابلوهم صادِّين لهم عن المسجد الحرام مع أنه لم يكن خارجاً لحرب ، فقصده المشركون ، ثم صالحوه على أن ينصرفَ هذا العام ، ويقيم بها ثلاثاً ثم يخرج ، ( وأن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا ) وكان النبي قد رأى في منامه أنهم يدخلون المسجد الحرام آمنين ، فبشر بذلك أصحابه ، فلما صدهم المشركون خامر قلوبَهم ، وعادت إلى قلوب بعضهم تهمةٌ حتى قال الصَّدِّيقُ : لم يَقُلْ العام ! فسكنت قلوبهم بنزول الآية ؛ لأن الله سبحانه علم في قلوبهم من الاضطراب والتشكك . فأنزل السكينة في قلوبهم . وثبَّتهم باليقين . { وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } هو فتحُ خيبر بعد مدة يسيرة ، وما حصلوا عليه من مغانم كثيرةٍ من خيبر . وقيل ما يأخذونه إلى يوم القيامة .
وفي الآية دليلٌ على أنه قد تخطر ببال الإنسان خواطرُ مُشكِّكة ، وفي الرَّيب موقعة ، ولكن لا عبرة بها ؛ فإنّ الله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً لازم التوحيدُ قلبَه ، وقارن التحقيق سِرَّه فلا يضرُّه كيدُ الشيطان ، قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّن الشَّيَطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } [ الأعراف : 201 ] .
تحت الشجرة : وهي شجرة طلح كانت هناك ، وهى المعروفة بالسَمُرة ، بايع المؤمنون تحت ظلها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم .
السّكينة : الطمأنينة ، والأمن وسكون النفس .
فتحاً قريبا : فتح خيبر ، وقد حصل بعد انصرافهم من الحديبية .
بعد أن بين الله حال المتخلفين فيما تقدم ، عاد إلى بيان حال المبايعين الذي ذكرهم بقوله تعالى في أول السورة : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } [ الفتح : 10 ] فبيّن هنا رضاه عنهم من أجل تلك البيعة التي سميت « بيعة الرضوان » لما علم من صدق إيمانهم وإخلاصهم في بيعتهم ، وأنزل الله عليهم السَّكينة والأمن ورباطة الجأش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.