فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا} (18)

ثم ذكر سبحانه الذين أخلصوا نياتهم ، وشهدوا بيعة الرضوان ، فقال : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشجرة } أي رضي الله عنهم وقت تلك البيعة ، وهي بيعة الرضوان ، وكانت بالحديبية ، والعامل في { تَحْتِ } إما يبايعونك ، أو محذوف على أنه حال من المفعول ، وهذه الشجرة المذكورة هي شجرة كانت بالحديبية وقيل : سدرة ، وكانت البيعة على أن يقاتلوا قريشاً ولا يفرّوا . وروي أنه بايعهم على الموت ، وقد تقدّم ذكر عدد أهل هذه البيعة قريباً ، والقصة مبسوطة في كتب الحديث والسير . { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } معطوف على يبايعونك . قال الفراء : أي علم ما في قلوبهم من الصدق والوفاء . وقال قتادة وابن جريج : من الرضى بأمر البيعة على أن لا يفرّوا . وقال مقاتل : من كراهة البيعة على الموت { فَأنزَلَ السكينة عَلَيْهِمْ } معطوف على رضي ، والسكينة : الطمأنينة وسكون النفس كما تقدّم ، وقيل : الصبر { وأثابهم فَتْحاً قَرِيباً } هو فتح خيبر عند انصرافهم من الحديبية . قاله قتادة وابن أبي ليلى وغيرهما ، وقيل : فتح مكة ، والأوّل أولى .

/خ24