{ لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ } بالحديبية على أن يناجزوا قريشاً ، ولا يفروا . { تَحْتَ الشَّجَرَةِ } وكانت سمرة ، ويروى أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة ، فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : هاهنا ، وبعضهم هاهنا ، فلمّا كثر اختلافهم قال : سيروا ، هذا التكلف ، وقد ذهبت الشجرة ، أما ذهب بها سيل وأمّا شيء سوى ذلك . " وكان سبب هذه البيعة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أُمية الخزاعي ، فبعثه إلى قريش بمكّة ، وحمله على جمل له يقال له : الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، وذلك حين نزل الحديبية .
فعقروا له جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعه الأحابيش ، فخلّوا سبيله حتّى أتى رسول الله ، فدعا رسول الله ( عليه السلام ) عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ليبعثه إلى مكّة ، فقال : يا رسول الله إنّي أخاف قريشاً على نفسي ، وليس بمكّة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إيّاها ، وغلظتي عليهم ، ولكنّي أدُّلك على رجل هو أعزّ بها منّي ، عثمان بن عفّان ، فدعا رسول الله عثمان ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنّه لم يأت لحرب ، وإنّما جاء زائراً لهذا البيت ، معظّماً لحرمته ، فخرج عثمان إلى مكّة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكّة ، أو قبل أن يدخلها ، فنزل عن دابّته وحمله بين يديه ، ثمّ ردفه وأجازه حتّى بلّغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عظماء قريش لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله : إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به ، فقال : ما كنت لأفعل حتّى يطوف به رسول الله .
فاحتبسته قريش عندهم ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أنّ عثمان قد قُتل ، فقال رسول الله : " لا نبرح حتّى نناجز القوم " . ودعا الناس إلى البيعة ، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، فكان الناس يقولون : بايعهم رسول الله على الموت ، وقال بكير بن الأشج : بايعوه على الموت ، فقال رسول الله ( عليه السلام ) : " بل على ما استطعتم " " .
وقال عبد الله بن معقل : كنت قائماً على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم ، وبيدي غصن من السمرة ، أذبّ عنه ، وهو يبايع النّاس ، فلم يبايعهم على الموت ، وإنّما بايعهم على أن لا يفرّوا ، وقال جابر بن عبدالله : فبايع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم النّاس ولم يتخلّف عنه أحد من المسلمين حضرها إلاّ الجد بن قيس أخو بني سلمة ، لكأنّي أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته مستتراً بها من النّاس .
وكان أوّل من بايع بيعة الرضوان رجل من بني أسد يقال له : أبو سنان بن وهب . ثمّ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ الّذي ذُكر من أمر عثمان باطل ، واختلفوا في مبلغ عدد أهل بيعة الرضوان ، فروى شعبة ، عن عمرو بن مُرّة ، قال : سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول : كنّا يوم الشجرة ألف وثلاثمائة ، وكانت أسلم يومئذ من المهاجرين .
وقال قتادة : كانوا خمسة عشر ومائة . وروى العوفي عن ابن عبّاس ، قال : كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفاً وخمسمائة وخمسة وعشرون . وقال آخرون : كانوا ألفاً وأربعمائة .
أخبرنا الحسين بن محمّد بن منجويه ، حدّثنا علي بن أحمد بن نصرويه ، حدّثنا أبو عمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الخولي ، حدّثنا محمّد بن رمح ، حدّثنا الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يدخل النّار أحدٌ ممّن بايع تحت الشجرة " .
{ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الصدق ، والصبر ، والوفاء . { فَأنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } وهو خيبر
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.