قوله تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين . . . } الآية لما بين حال المخلفين بعد قوله : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } [ الفتح : 10 ] عاد إلى بيان حال المبايعين .
قوله : { إِذْ يُبَايِعُونَكَ } منصوب ب «رَضِيَ » و «تَحْتَ الشَّجَرَة » يجوز أن يكون متعلقاً ب «يُبَايِعُونَكَ » وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال من المفعول .
( «فصل »{[51740]}
المعنى : يبايعونك بالحديبية على أن يناجزوا قريشاً ، ولا يفروا . وقوله : «تَحْتَ الشَّجَرَة » وكانت سمرة قال سعيد بن المسيب : حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال : فلما خرجنا من العام المقبل نَسِيناها فلم نقدر عليها . وروي أن عمر بن الخطاب مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة فقال : أين كانت ؟ فجعل بعضهم يقول : ههنا ، وبعضهم ههنا ، فلما كثر اختلافهم قال : سيروا قد ذهبت الشجرة . وروى جابر بن عبد الله قال : «قَالَ لَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أنتم خير أهل الأرض ، وكنا ألفاً وأَرْبَعَمِائةٍ ولو كنت أبصر اليوم لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَة . وروى سالم عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لاَ يَدْخُلُ النار أحَد مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ){[51741]} » .
قوله : { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الصدق والوفاء { فَأنزَلَ السكينة } الطمأنينة والرضا «عَلَيْهِمْ »
فإن قيل : الفاء للتعقيب وعلم الله قبل الرضا ؛ لأن علم ما في قلوبهم من الصدق فرضي عنهم فكيف يفهم التعقيب في العلم ؟
فالجواب : قال ابن الخطيب : إن قوله تعالى : { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } متعلق بقوله : { إِذْ يُبَايِعُونَكَ } كما تقول : «فَرِحْتُ أَمس إِذْ كَلَّمت{[51742]} زَيْداً فَقَامَ لي ، وإذْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَكْرَمِني » فيكون الفرح بعد الإكرام مرتباً كذلك ههنا قال تعالى : { لَّقَدْ رَضِيَ الله عَنِ المؤمنين إِذْ يُبَايِعُونَكَ . . . فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ } من الصدق إشارة إلى أن الرضا لا يكون عند المبايعة ( حَسْب{[51743]} بل عند المبايعة ){[51744]} التي كان معها علم الله بصدقهم . والفاء في قوله { فَأنزَلَ السكينة } للتعقيب المذكور ، فإنه تعالى رضي عنهم فأنزل السكينة عليهم .
وفي قوله : «فَعَلِمَ » لبيان وصف المبايعة يكون ( ها ){[51745]} معقبة بالعلم بالصدق الذي في قلوبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.