التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا} (18)

{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يدخل النار إن شاء الله أحد من أهل الشجرة الذين بايعوا تحتها " ، وفي الحديث : أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وقيل : ألفا وخمسمائة وسبب هذه البيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغ الحديبية وهي موضع على نحو عشرة أميال من مكة أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسولا إلى أهل مكة يخبرهم أنه إنما جاء ليعتمر وأنه لا يريد حربا فلما وصل إليهم عثمان حبسه أقاربه كرامة له فصرخ صارخ أن عثمان قد قتل فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة على القتال وأن لا يفر أحد " وقيل : بايعوه على الموت ثم جاء عثمان بعد ذلك سالما وانعقد الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة على أن يرجع ذلك العام ويعتمر في العام القابل ، والشجرة المذكورة كانت سمرة هنالك ثم ذهبت بعد سنين فمر عمر بن الخطاب بالموضع في خلافته فاختلف الصحابة في موضعها .

{ فعلم ما في قلوبهم } يعني : من صدق الإيمان وصدق العزم على ما بايعوا عليه وقيل : من كراهة البيعة على الموت وهذا باطل لأنه ذم للصحابة وقد ذكرنا السكينة .

{ وأثابهم فتحا قريبا } يعني : فتح خيبر ، وقيل : فتح مكة والأول أشهر أي : جعل الله ذلك ثوابا لهم على بيعة الرضوان زيادة على ثواب الآخرة .