لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ} (11)

قوله جل ذكره : { ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } .

{ اسْتَوَى } أي قَصَدَ ، وقيل فعل فعلاً هو الذي يعلم تعيينه .

ويقال رتَّبَ أقطارها ، وركَّبَ فيها نجومَها وأزهارَها .

{ فَقَالَ لَهَا وَللأرْضِ ائْتِنَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } : هذا على ضرب المَثَل ؛ أي لا يتعسَّر عليه شيءٌ مما خلقه ، فله مِنْ خَلْقِه ما أراده . وقيل بل أحياهما وأعقلهما وأنطقهما فقالتا ذلك . وجعل نفوسَ العابدين أرضاً لطاعته وعبادته ، وجعل قلوبهم فَلكاً لنجومِ علمه وشموسِ معرفته .

وأوتادُ النفوسِ الخوفُ والرجاءُ ، والرغبةُ والرهبة . وفي القلوب ضياءُ العرفانِ ، وشموس التوحيد ، ونجوم العلوم والعقولِ والنفوسِ . والقلوبُ بيده يُصَرِّفُها على ما أراد من أحكامه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٞ فَقَالَ لَهَا وَلِلۡأَرۡضِ ٱئۡتِيَا طَوۡعًا أَوۡ كَرۡهٗا قَالَتَآ أَتَيۡنَا طَآئِعِينَ} (11)

{ ثُمَّ } بعد أن خلق الأرض { اسْتَوَى } أي : قصد { إِلَى } خلق { السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ } قد ثار على وجه الماء ، { فَقَالَ لَهَا } ولما كان هذا التخصيص يوهم الاختصاص ، عطف عليه بقوله : { وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا } أي : انقادا لأمري ، طائعتين أو مكرهتين ، فلا بد من نفوذه . { قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } ليس لنا إرادة تخالف إرادتك .