لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (22)

تعرَّف إليهم بذكر ما مَنَّ به عليهم من خَلْقِ السماء لهم سقفاً مرفوعاً ، وإنشاء الأرض لهم فرشاً موضوعاً ، وإخراج النبات لهم بالمطر رزقاً مجموعاً . ويقال أعتقهم عن مِنَّة الأمثال بما أزاح لهم من العلة فيما لا بُدَّ منه ، فكافيهم السماء لهم غطاءً ، والأرض وطاءً ، والمباحات رزقاً ، والطاعة حرفةً ، والعبادة شغلاً ، والذكر مؤنساً ، والرب وكيلاً - فلا تجعلوا لله أنداداً ، ولا تُعلِّقوا قلوبكم بالأغيار في طلب ما تحتاجون إليه ؛ فإن الحق سبحانه وتعالى مُتَوَحدِّ بالإبداع ، لا مُحْدِثَ سواه ، فإذا توهمتم أن شيئاً من الحادثات من نفع أو ضرر ، أو خيرٍ أو شر يحدث من مخلوق كان ذلك - في التحقيق شِرْكاً .

وقوله عز وجل : { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أن من له حاجة في نفسه لا يَصْلُحُ أن تَرفَع حاجتك إليه . وتعلُّقُ المحتاج بالمحتاج ، واعتماد الضعيف على الضعيف يزيد في الفقر ، ولا يزيل هواجم الضُر .