بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (22)

{ الذى جَعَلَ لَكُمُ الارض فِرَاشاً } معناه : اعبدوا ربكم الذي خلقكم { وجعل لكم الأرض فراشاً } يعني مهاداً وقراراً . وقال أهل اللغة : الأرض بساط العالم . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إنما سميت الأرض أرضاً ، لأنها تأرض ما في بطنها أي تأكل ما فيها . وقال بعضهم : لأنها تتأرض بالحوافر والأقدام . { والسماء } في اللغة : ما علاك وأظلك . يعني اذكروا رب هذه النعم واعبدوه ، واعرفوا شكر هذه النعم حيث جعل لكم الأرض فراشاً ، والسَّماء { بِنَاء } أي سقفاً . قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي : كل سماء مطبقة على الأخرى مثل القبة وسماء الدنيا ملتزقة على الأرض أطرافها ويقال : { والسماء بِنَاء } أي مرتفعاً . { وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء } ، يعني المطر { فَأَخْرَجَ بِهِ } ، يعني أنبت بالمطر { مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ } ، يعني من ألوان الثمرات ظدرزقا لكم } يعني : طعاماً لكم .

قوله : { فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً } ، أي لا تقولوا له شركاء { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه خالق هذه الأشياء وغيره لا يستطيع أن يخلق شيئاً من هذه الأشياء . ويقال : كل شيء في هذه الدنيا فيه دلالة على كونه الخالق من أربعة أوجه : فوجود هذه الأشياء وكونها يدل على وجود الصانع واستقامتها تدل على توحيده ، وهو استقامة الليل والنهار ، والشتاء والصيف وخروج الثمرات وحدوث كل شيء في وقته ، لأن المدبر لو كان اثنين لم يكن على الاستقامة ، كما قال في آية أخرى { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا فسبحان الله رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ } [ الأنبياء : 22 ] وتجانسها يدل على أن الخالق واحد عالم حيث خلق الأشياء أجناساً مختلفة ، وتمام الأشياء يدل على أن خالقها واحد قائم قادر .