و { فِرَاشاً } أي : وطاء يستقرون عليها . لما قدّم نعمة خلقهم أتبعه بنعمة خلق الأرض فراشاً لهم ، لما كانت الأرض التي هي مسكنهم ، ومحل استقرارهم من أعظم ما تدعو إليه حاجتهم ، ثم أتبع ذلك بنعمة جعل السماء كالقبة المضروبة عليهم ، والسقف للبيت الذي يسكنونه كما قال : { وَجَعَلْنَا السماء سَقْفاً محْفُوظاً } [ الأنبياء : 32 ] . وأصل البناء : وضع لبنة على أخرى ، ثم امتنّ عليهم بإنزال الماء من السماء . وأصل ماء موه ، قلبت الواو لتحركها ، وانفتاح ما قبلها ألفاً فصار ماه ، فاجتمع حرفان خفيفان ، فقلبت الهاء همزة . والثمرات جمع ثمرة . والمعنى : أخرجنا لكم ألواناً من الثمرات ، وأنواعاً من النبات ، ليكون ذلك متاعاً لكم إلى حين . والأنداد جمع ندّ ، وهو المثل والنظير . وقوله : { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } جملة حالية ، والخطاب للكفار ، والمنافقين .
فإن قيل : كيف وصفهم بالعلم ، وقد نعتهم بخلاف ذلك حيث قال : { ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ } [ البقرة : 13 ] { ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ } [ البقرة : 12 ] { وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ } [ البقرة : 16 ] { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ } [ البقرة : 18 ] . فيقال : إن المراد أن جهلهم ، وعدم شعورهم لا يتناول هذا ، أي : كونهم يعلمون أنه المنعم دون غيره من الأنداد ، فإنهم كانوا يعلمون هذا ، ولا ينكرونه كما حكاه الله عنهم في غير آية . وقد يقال : المراد ، وأنتم تعلمون ، وحدانيته بالقوّة ، والإمكان لو تدبرتم ، ونظرتم . وفيه دليل على وجوب استعمال الحجج ، وترك التقليد . قال ابن فُورَك : المَراد وتجعلون لله أنداداً بعد علمكم الذي هو نفي الجهل بأن الله واحد انتهى . وحذف مفعول تعلمون للدلالة على عدم اختصاص ما هم عليه من العلم بنوع واحد من الأنواع الموجبة للتوحيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.