الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (22)

و{ فِرَاشا }[ البقرة :22 ] معناه : تفترشونها ، و{ السَّمَاء }[ البقرة :22 ] قيل : هو اسم مفرد ، جمعه سماوات ، وقيل : هو جمعٌ واحدة سَمَاوَة ، وكلُّ ما ارتفع عليك في الهواء فهو سماء ، { وَأَنزَلَ مِنَ السماء }[ البقرة :22 ] . يريد السحاب ، سمي بذلك تجوُّزاً لَمَّا كان يلي السماء ، وقد سَمَّوُا المطر سماءً للمجاورة ، ومنه قول الشاعر : [ الوافر ]

إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بأَرْضِ قَوْمٍ *** رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوا غِضَابَا

فتجوز أيضاً في «رَعَيْنَاهُ » ، وواحد الأنداد نِدٌّ ، وهو المقاوم والمضاهي ، واختلف المتأوِّلون من المخاطب بهذه الآية ، فقالتْ جماعة من المفسِّرين : المخاطَبُ جميع المشركين فقوله سبحانه على هذا : { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ }[ البقرة :22 ] يريد العلم الخاصَّ في أنه تعالى خلق وأنزل الماء ، وأخرج الرزق ، وقيل : المراد كفَّار بني إسرائيل ، فالمعنى : وأنتم تعلَمُون من الكتب التي عندكم أنَّ اللَّه لا ندَّ له ، وقال ابنْ فُورَكَ : يحتمل أن تتناول الآية المؤمنين .