قوله : ( الذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَرْضَ فِرَاشاً )[ 21 ] .
أي بساطاً ، وإنما سميت الأرض أرضاً لارتعادها عند الزلازل . يقال : " رجل ما روض " إذا/ كانت به رعدة ، " وأرض ما روضة " إذا كانت كثيرة الزلازل( {[1126]} ) .
وقوله : ( مهاداً ) هو خصوص مهد الله من الأرض ما بالناس إليه حاجة ومنفعة . وإلا( {[1127]} ) ففيها السهل والوعر والجبال والأودية والهبوط والصعود .
قوله : ( وَالسَّمَاءَ بِنَاءً )[ 21 ] .
أي مرتفعة عليكم . والسماء تذكر وتؤنث( {[1128]} ) .
وقال المبرد : " السماء هنا جمع السماوات( {[1129]} ) [ كتمرة وتمر( {[1130]} ) ] ، ودليله قوله : ( فَسَوَّاهُنَّ ) [ البقرة : 28 ] . ولم يقل " فسواها " .
وتجمع السماء/ إذا كانت واحدة على ستة( {[1131]} ) أبنية :
- جمعان مسلمان ، تقول : سماوات وسماءات( {[1132]} ) .
- وجمعان مكسران لأقل العدد ، تقول : سماء واسم وأسمية .
- وجمعان مكسران لأكثر العدد ، تقول سماء وسمايا وسمي ، وإن شئت كسرت السين في " سمي " . وقد جاء في الشعر( {[1133]} ) " سَمَاءِيَا " . وفيه اتساعات ثلاثة . قال : / الشاعر :
سَمَاءُ الإلهِ فوقَ سَبْعِ سَمَاءِيَا( {[1134]} ) .
فعلى هذا يجوز أن تجمع سماء على سماء كصحار( {[1135]} ) . فالشاعر شبه سماء برسالة لأن السَّمَاءَ( {[1136]} ) فَعَالٌ( {[1137]} ) ، ورِسَالَةٌ فِعَالَةٌ ، وهما أختان في عدد الحروف والحركات .
- والثالث فيها( {[1138]} ) ألف بعدها كسرة ، فكان يجب أن تقول " سمايا " ، كما تقول : " رَسَائِلُ " و " خطايا " ، فأتى به على الأصل ، فقال " سمائي " ، ثم لحقته ضرورة أخرى فأجرى المعتل مجرى السالم فقال : سمائي ، وكان [ حقه إذ( {[1139]} ) ] أتى به على الأصل أن يقول " سماء " كجوار وقاض لكنه أجراه للضرورة مجرى ما لا ينصرف من السالم ففتح ، ثم أطلق الفتحة فصارت ألفاً ، فقال " سماءيا " . ففيه ثلاثة( {[1140]} ) اتساعات .
وفي الوقف على السماء المنصوبة خمسة أوجه :
- [ أولها : أن تَقِفَ( {[1141]} ) ] على همزة ساكنة بعد مدة .
- والثاني : أن تروم حركة الهمزة وتمد .
- والثالث : أن تجعل الهمزة بين بين ، وتروم الحركة وتمد .
- والرابع : أن تبلد من الهمزة أيضاً ثم تحذفها لسكونها وسكون الألف التي قبلها ولا تمد .
- والخامس : أن تبدل أيضاً وتحذف وتمد لتدل المدة على الأصل لأن الحذف عارض . وفي الوقف على بناء( {[1142]} ) المنصوب أوجه :
- " بناء( {[1143]} ) " بهمزة مفتوحة بعدها ألف ، وقبلها ألف ، فتمد قبل الهمزة مداً مشبعاً ، وبعدها مداً ممكناً ، وعليه أكثر القراء .
- والثاني : أن تجعل الهمزة بين بين ، وتمد . وهو مذهب حمزة في الوقف .
- والثالث : أن تحذف الهمزة ، وتحذف الألف لالتقاء ألفين ، ولا تمد ، فيصير بلفظ المقصور لغة للعرب ، لم يقرأ به أحد .
- والرابع : أن تحذف الهمزة والألف على ما ذكرنا ، وتمد لتدل على أن أصله المد .
- والخامس : أن تبدل من الهمزة ياء ، فتقول " بنايا " لغة للعرب لم يقرأ بها أحد( {[1144]} )/ حكى عن العرب : " اشتريت مايا " ، يريدون ماء يشبهونه ب " خطايا( {[1145]} ) " وقد( {[1146]} ) كان أصل خطاياءا ، منقول من خطائي ، ثم أبدلوا من الهمزة ياء .
وقد قال ابن كيسان( {[1147]} ) : " لا يكتب هذا المثال إلا بألفين( {[1148]} ) ، وإن شئت بثلاث( {[1149]} ) ألفات وهو الأصل فيها . وكتب في المصاحف( {[1150]} ) بألف واحدة اختصاراً( {[1151]} ) " ( {[1152]} ) .
وقوله : ( جَعَلَ لَكُمُ الاَرْضَ فِرَاشاً )[ 21 ] .
أي مهاداً( {[1153]} ) ، لا حزنة( {[1154]} ) كلها ، ولا جبال كلها .
وقال بعض الصحابة في قوله : ( السَّمَاءَ بِنَاءً ) ، " بني( {[1155]} ) السماء على الأرض/ كهيئة القبة ، فهي سقف على الأرض " ( {[1156]} ) .
وقوله : ( وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ) الآية[ 21 ] .
في الوقف على " السماء " المخفوض و " ماء " . كالذي في الأول . " وبناء " مثل " ماء " في النصب( {[1157]} ) .
وقوله : ( فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ )[ 21 ] .
" مِنْ " للتبعيض . و " السماء " في هذا الموضع يراد بها السحاب ، لأن الماء منها ينزل( {[1158]} ) كما قال : ( وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً ) [ النبأ : 14 ] . والمعصرات السحائب وكل ما علا فوقك فهو سماء . وسقف البيت سماؤه ، وهو سماء لمن تحته .
وقوله : ( فَلاَ تَجْعَلُوا لِلهِ أَندَاداً )[ 21 ] .
أي أمثالاً . ونِدُّ الشيء مثله ، والند خلاف الضد .
وقيلي : شركاء . وقيل : أشباها( {[1159]} ) . وقيل : أكفاء( {[1160]} ) .
وروى ابن مسعود أنه سأل النبي [ عليه السلام( {[1161]} ) ] أي الذَّنْبِ( {[1162]} ) أَعْظَمُ ؟ قَالَ : [ أنْ تجعلَ( {[1163]} ) ] للهِ نِداً وَهُوَ خَلَقَكَ " الحديث( {[1164]} ) .
وقال عكرمة( {[1165]} ) : " هو قولهم : لولا كلبنا لدخل علينا اللص( {[1166]} ) " .
وقال أبو عبيدة : " الند الضد " ( {[1167]} ) .
وقوله : ( وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )[ 21 ] .
أي تعلمون أن الله خلقكم وخلق السماوات والأرض .
وقيل : معناه : وأنتم تعلمون أن الله لا شبيه له في التوراة والإنجيل ، فيكون الكلام مخاطبة لأهل الكتاب على هذا التأويل . وعلى القول الأول هو مخاطبة لجميع الكفار( {[1168]} ) .
ومعنى العلم الذي نسبه إليهم أنه علم تقوم به عليهم الحجة ، وليس بالعلم الذي هو ضد الجهل ؛ دليله قوله ( قُلَ اَفَغَيْرَ اللَّهِ تَامُرُونِيَ أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ )( {[1169]} ) . فثبت جهلهم لأنهم علموا أن الله خالقهم ، وجعلوا له أنداداً . فأما قوله تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )( {[1170]} ) . فهذا هو العلم الذي هو ضد الجهل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.