لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ وَلَن تَفۡعَلُواْ فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُۖ أُعِدَّتۡ لِلۡكَٰفِرِينَ} (24)

ثم قال : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا } وأخبر أنهم قطعاً لا يقدرون على ذلك ولا يفعلون فقال : { وَلَن تَفْعَلُوا } فكان كما قال - فانظروا لأنفسكم ، واحذروا الشِّرْكَ الذي يوجب لكم عقوبة النار التي من سطوتها بحيث وقودها الناس والحجارة ، فإذا كانت تلك النار التي لا تثبت لها الحجارة مع صلابتها ( ) فكيف يطيقها الناس مع ضعفهم ، وحين أشرفت قلوب المؤمنين على غاية الإشفاق من سماع ذكر النار تداركها بحكم التثبيت فقال : { أُعِدَّتْ للكَافِرِينَ } ففي ذلك بشارة للمؤمنين . وهذه سُنَّةٌ من الحق سبحانه : إذا خوَّف أعداءه بَشَّر مع ذلك أولياءه .

وكما أنَّ كيد الكافرين يضمحل في مقابلة معجزات الرسل عليهم السلام فكذلك دعاوى المُلْبِسين تتلاشى عند ظهور أنوار الصديقين ، وأمارةُ المُبْطِل في دعواه رجوعٌ الزجر منه إلى القلوب ، وعلامة الصادق في معناه وقوع القهر منه على القلوب . وعزيزٌ من فصّل وميَّز بين رجوع الزجر وبين وقوع القهر .