{ فراشا } وطاء ومستقرا . { بناء } سقفا
{ الثمرات } حمل الشجر وأنواع المال . { رزق } قوتا وما يتمول وينتفع به . { أندادا } أكفاء وأمثال ونظراء .
وذكرت نعم في اللآيتين المباركتين ليستدل الناس بها على المنعم سبحانه فيعبدونه ويشكرونه على ما خلق وما رزق ، ويتركوا ما اختلقوه وزعموه وادعوه من أكفاء وأمثال ونظراء ، فإن الذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون { . . إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون } {[162]} ، فالله الولي هو الذي يستحق الطاعة والشكر وحده دون سواه ، فهو الذي أنشأنا وآبائنا من العدم ، وأبدعنا على خير مثال سبق فصورنا فأحسن صورتنا ، وأتقن تقويمنا فنسأله كما حسن خلقنا أن يحسن خلقنا وتبارك الذي سخر علا الكون وسفليه ، فالأرض لنا مستقر ووطاء والسماء فوقنا سقف وغطاء وما ينزل من السحاب المعلق جهة السماء إنما هو ماء مبارك يصيب به ربنا من يشاء ويصرفه عمن يشاء ؛ فإذا أصاب به أرضا اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج نبت نقتات من حبه وجنات من نخيل باسقات وأعناب وزيتون ورمان وشجر مختلف الثمرات ، نتفكه بها ونتملك ما ييسر الله لنا من ثمنها فمن غير الله يخلق كخلقه أو يملك شيئا من رزقه ؟ .
{ أنتم تعلمون }{[163]} أنه لا أحد يخلق كخلقه : { ولئن سألتم من خلقهم ليقولن الله . . }{[164]} والمشركون يعلمون أنه لا رازق إلا الله : { قل من يرزقكم من السماء والأرض أَمَّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون }{[165]} . نقل عن أبي عبيدة : ( أندادا ) جمع ند ، وكأنه راعى في المعنى أن فعل ( ند ) يفيد النفور يقال ند البعير إذا نفر وذهب على وجهه ، قالوا : والند : المثل ولا يقال إلا للمثل المخالف . . من ناددت الرجل : خالفته وقول الموحد : ليس لله ند ولا ضد يعني : نفى ما يسد مسده ونفى ما ينافيه واتخاذ الأنداد والشركاء جريمة دونها كل ذنب وجرم ، وهي رأس الكبائر وأعظم الظلم سواء اعتقد المشرك ذلك ، أو تابع غيره من الآباء والكبراء والقرناء في ظلالهم ، والقول مثل قولهم ولعل هذا من حكمة الله تعالى في النهي عن مقاربة الشرك قولا أو اعتقادا ، يقول سبحانه : { . . فاجتنبوا الرجس من الأوثان . . . }{[166]} ؛ والزعم أن الأسباب تؤثر بذاتها دون جاعلها ومسببها تبارك وتعالى- زعم استقلال الأسباب بالتأثير- جحود بالله العلي الكبير ؛ روى البخاري ومسلم في صحيحهما عند زيد ابن خالد الجهني قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالحديبية على إثر سماء{[167]} كانت من الليلة فلما انصرف أقبل على الناس فقال : ( هل تدرون ماذا قال ربكم ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ؛ قال ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب وأما من قال مطرا بنوء{[168]} كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) ؛ ولئن كان نزول المطر في أكثر الأحيان يترتب على تقلبات فلكية ، لكن خلقه ونزوله بقدرة الله تعالى ومشيئته ؛ والأنواء وتأثيرها في حصول الأمطار لا يعدو أن يكون سببا يعلمه الله- جل جلاله- متى شاء ويبطل عمله متى يشاء والله الفعال بما يريد قادر على إنشاء الأشياء بلا أسباب بل وبلا مواد ، كما أنشأ نفوس الأسباب والمواد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.