الآية 22 : وقوله تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم( بين ذاته{[310]} الذي أمر بالتوحيد وتوجيه العبادة إليه وإخلاص النية له ، فقال : الذي أمر بالتوحيد له وتوجيه العبادة إليه وإخلاص النية له ، فقال : الذي فرش لكم الأرض لتنتفعوا{[311]} بها ، وتقضوا حوائجكم فيها من أنواع المنام عليها واتخاذ المستقر والمسكن فيها .
[ وقوله ]{[312]} : ( والسماء بناء ) ؛ [ أي رفع السماء بناء ]{[313]} ، والسماء : كل ما علا ، وارتفع ، كما يقال لسقف البيت سماء لارتفاعه وسمى{[314]} السماء بناء ، وإن كان لا يشبه بناء الخلق حتى يعلم أن البناء ليس اسم ما يبني الناس خاصة{[315]} .
ثم بين بقوله : ( وأنزل من السماء ماء ) أي : وجهوا العبادة إلى الذي ينزل لكم من السماء ماء عند حوائجكم ، ولا تعبدوا من تعلمون أنه يخلقكم ، ولا أنزل من السماء ماء ، ولا أخرج من ذلك الماء المنزل من السماء رزقا تأكلونه وماء عذبا تشربونه .
وفي الآية دلالة أن المقصود في خلق السماء والأرض وإنزال الماء منها وإخراج هذه الثمرات وأنواع المنافع بنو آدم ؛ وهم الممتحنون [ فيها ]{[316]} بدلالة قوله : ( جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء ) وما ذكره من المخرج والمنزل منها وما ذكر في آية أخرى : ( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه ) [ الجاثية : 13 ] ومنه : ( وسخر لكم الليل والنهار ) [ إبراهيم : 33 والنحل : 12 ] ، ( وسخر لكم الفلك ) [ إبراهيم : 32 ] مما [ يكثر من الآيات ]{[317]} . أضاف ذلك كله إلينا .
ثم جعل عز وجل بلطفه منافع السماء متصلة بمنافع الأرض على بعد ما بينهما من المسافة حتى لا تخرج الأرض شيئا إلا بما ينزل من السماء [ من الماء ليعلم أن منشئ السماء ]{[318]} هو منشئ الأرض لأنه لو كان منشئ هذا غير منشئ الآخر لكان لا معنى لاتصال منافع هذا بمنافع الآخر على بعد ما بينهما ولتوهم كون الخلاف من أحدهما للآخر . فإذا كان كذلك دل على [ أن ]{[319]} منشئهما واحد ، لا شريك له ولا ند .
ثم زعم قوم أن الأشياء كلها حل لنا طلق غير محظور علينا حتى يجيء ما يحظر ، فاستدلوا بظاهر هذه الآية بقوله : ( رزقا لكم ) وبقوله : ( كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) [ البقرة : 168 ] .
وقال آخرون : لا يدل ذلك على الإباحة ؛ وذلك أن الأشياء لم تصر لنا من كل الوجوه ، فهو على الحظر حتى تجيء الإباحة ، ولأن الأشياء لا تحل إلا بأسباب تتقدم{[320]} ، فظهر الحظر قبل وجود الأسباب ، فهو على ذلك حتى يجيء ما يحل ويبيح ، أو يقال : خلق هذه الأشياء لنا محنة امتُحِنا بها أو فتنة بها [ افتتنا ]{[321]} كقوله ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) [ الأنعام : 28 ] وكقوله : ( ولنبلونكم بشيء من الخوف ) الآية [ البقرة : 155 ] ، ولأن في العقل ما يدفع حمل الأشياء كلها على الإباحة لما في ذلك فساد الخلق وتفانيهم . فبين لكل{[322]} منهم ملكا على حدة بسبب يكتسب به لئلا يحملهم على التفاني والفساد ، وبالله نستعين .
وقوله تعالى : ( فلا تجعلوا لله أنداد ) أي أعدالا وأشكالا في العبادة ، وكله واحد ؛ ند الشيء ، هو عدله ، وشكله ، هو مثله .
وقوله تعالى/ ( وأنتم تعلمون ) [ يحتمل وجهين :
الأول ]{[323]} : أن {[324]} لا ند ، ولا عدل ، ولا شكل لما أراكم من إنشاء هذه الأشياء ، ولم تروا [ من ]{[325]} ذلك ممن تعبدونه شيئا .
والثاني : ( وأنتم تعلمون ) لما أنشأ فيكم من الأشياء ما لو تدبرتم ، وتفكرتم ، وتأملتهم ، علمتم أنه لا ند له ، ولا شكل له ، كقوله ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) [ الذاريات : 21 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.